معتقلون كورد يسردون لرووداو قصص التعذيب المروع في سجون النظام السوري

21-02-2017
آزاد جمكاري
الكلمات الدالة معتقلون كورد النظام السوري السجون
A+ A-

رووداو - أربيل

"توجد لدى النظام السوري مئات المعتقلات السرية والعلنية تشترك جميعها في صيتها السيء، إذ شهدت وما تزال عمليات تعذيب شديدة ممنهجة فاقت في شدتها محاكم التفتيش والمعتقلات السرية للجنرال أوغستو بينوشه في تشيلي، حيث تطغى رائحة الدماء على كل شيء وتختفي فيها كرامة الإنسان نتيجة وحشية السجان وتفننه في إهانة المعتقل نفسياً وجسدياً حتى يفقد هو الآخر إحساسه بذاته"، بحسب ما أفاد به معتقلون كورد.

لا تخضع هذه السجون والمعتقلات لأية مراقبة دولية أو مستقلة مما يتيح لنظام الأسد وعناصر استخباراته وضباطه الأمنيين استغلال الصلاحيات الممنوحة لهم لممارسة أبشع طرق التعذيب والتنكيل بالمعارضين السياسيين وفق خطورة كل واحد أو المعلومات التي من المفترض استخلاصها منه، كذلك لا يوجد تصنيف دقيق لدرجة سوء هذه المعتقلات، إلا أنه ووفق تقارير حقوقية مختصة ومستقلة مستمدة من شهادات منشقين وناجين يمكن القول إن "سجن صيدنايا هو أحد أكبر مسارح جرائم النظام تلك وأكثرها ترويعاً".

الناشط الكوردي، شبال إبراهيم، عايش الاعتقال لدى النظام السوري متنقلاً بين عدة سجون وفروع أمنية لينتهي به المطاف خلال التجربة هذه في سجن صيدنايا، ويروي لـشبكة رووداو الإعلامية تجربته تلك، بالقول: "الكورد ومنذ تاريخ طويل أصبحوا جزءاً من هذه السجون نتيجة الممارسات القمعية من قبل النظام على الشعب الكوردي".

وأضاف: "اعتقلتُ لمدة سنة وتسعة أشهر بين سجون متعددة ابتداء من سجن المخابرات الجوية ومروراً بسجن دير الزور ومطار المزة وسجن باب توما التابعة كلها للمخابرات الجوية، وانتهاءً بسجن صيدنايا العسكري الذي أمضيت فيه قرابة 18 شهراً، وكانت التهم الأساسية التي اتهمت بها: مؤسس التنسيقيات الشبابية، والتواصل مع الإعلام الخارجي، وإثارة النعرات الطائفية".

يوضح إبراهيم أنه "بالنسبة للمعاملة فكانت أكثر من سيئة وتعرضت خلال اعتقالي إلى شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي من الضرب بكل أدوات التعذيب بالدولاب - وهو عبارة عن الإطار البلاستيكي الخارجي للسيارات يوضع فيه المعتقل ثم يدحرج- وبالعصي البلاستيكية، والخشبية والحديدية،  وخراطيم المياه البلاستيكية وعلى كافة أجزاء الجسم، إضافة إلى التعذيب بالكهرباء، حيث كان يتم رش المياه على الأرض ووضع أسلاك الكهرباء على الأذن والأماكن الحساسة والشفاه، وكانت الصدمات تدفعني إلى كافة زوايا غرفة التحقيق، وأنا مكبّل اليدين ومعصوب العينين".

وتابع بالقول: "كذلك التعذيب عن طريق الشبح الذي يكون بالتعليق من اليدين أعلى سقف الغرفة وإيصال أصابع القدمين إلى الأرض، أضف لذلك وضع الملح في فمي، وثم شربي المياه وإغلاق المجاري البولية بلاصقات لعدم طرحها لمدة أيام، البقاء من دون اللباس لساعات طويلة وخلال أشهر، والجلوس على الركب جاثياً طوال اليوم مع سوء الظروف الصحية والغذائية والطبية، عدا تعريضي للبرد القارس".

يردف إبراهيم "تواصلت بعد إطلاق سراحي مع الكثير من المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية، وحتى السلك الدبلوماسي بهدف إيصال صوت المعتقلين الذين يتم نسيانهم، واطلاعهم على ما يحدث داخل سجون النظام خاصة في سجن صيدنايا الذي أصبح جهنماً ومسلخا بكل معنى الكلمة، وما زلت على تواصل معهم للضغط على هذا النظام الذي تجاوز كل حدود الإجرام وبالقمع".

اختتم إبراهيم حديثه "نعد لأكثر من سنة مع منظمة العفو الدولية لإصدار هذا التقرير، وكنت شاهداً على تقارير أخرى، ولكن في هذه المرة لاحظنا اهتماماً كبيراً من قبل الإعلام المحلي والدولي، حتى من المنظمات الإنسانية والحقوقية، ومن الشعب الأوروبي والأمريكي نفسه، كما أن لدينا تواصل مكثف مع الجهات الدولية الرسمية للضغط على حكومة الأسد، وآمل أن يتحقق هذا الشيء".

كذلك تحدث لشبكة روداو الإعلامية الصحفي الكوردي شيار خليل الذي تعرض أيضاً للاعتقال على يد قوات النظام، فقال "تنقلت بين عدة سجون ومعتقلات أمنية؛ منها فرع فلسطين التابع للأمن العسكري وسجن عدرا والأمن العسكري، حيث قام النظام في فرع الأمن الجنائي بدمشق بتصويري عبر برنامج على التلفزيون الرسمي أنني إرهابي وأتعامل مع مجموعات إرهابية وأروج لهم، بقيت عامين ونصف تقريباً وخرجت بعدها بعد ضغوطات دولية عدة".

موضحاً "خلال فترة الاعتقال بين فرعي فلسطين والأمن الجنائي تعرضت للتعذيب بشتى الوسائل، إضافة لعمليات التجويع الممنهجة من قبل الجلادين، ذلك بالتزامن مع الأوضاع الصحية السيئة في المعتقل، حيث مازالت آثار التعذيب ظاهرة على جسدي، ومازلت أعاني من عدة مشاكل صحية يشرف عليها الأطباء لمعالجتها، كما كان التعذيب عشوائياً ونابعاً من حقد دفين لعناصر النظام للاعتراف بأمور لم أقم بها، ناهيك عن المعاملة السيئة كوني معارض أولاً وكوردي بالدرجة الثانية، حيث الإهانات كانت دائماً تركز على شتمي ككوردي".

تابع خليل حديثه "وجهت لي عدة تهم منها ارتكاب اعمال ارهابية، والترويج لها وتمويلها، وبعدها حولت لسجن عدرا المدني تحت ذمة محكمة الإرهاب بدمشق، والتي تأسست بعد الثورة السورية، وهي محكمة استثنائية لا شرعية لها يشرف عليها ضباط أمنيون من القصر الجمهوري".

مضيفاً "خرجت من المعتقل وتوجهت لتركيا وبعدها لفرنسا، ومازلت أتابع عملي كصحفي وناشط حقوقي يدافع عن المعتقلين السوريين، حيث عقدت عدة جلسات مهمة في الاتحاد الأوربي ببروكسل مع جهات دولية للإفراج عن المعتقلين السوريين والدعوة لضغط دولي على النظام للإفراج عن المعتقلين وإحقاق العدالة لكل السوريين، ولإحداث محاكم محلية في أوروبا تحاكم مجرمي الحرب، لعدم الإفلات من العقاب، وهو ما يعد لبنة أساسية في زعزعة مفهوم العدالة والهروب منها في سوريا، كما نقوم من خلال عدة لجان بتوثيق انتهاكات النظام والميليشيات المتطرفة في سوريا لفضحهم وتحويلهم إلى محاكم دولية".

ختم خليل حديثه برأي خليل فإن قضية المعتقلين السوريين هي "القضية الوحيدة التي يجتمع حولها السوريون في ظل هذه الفترة العصيبة من حياتهم، فعدد المعتقلين السوريين لدى الأسد يفوق 300 ألف، ودون حريتهم لا معنى لكل المؤتمرات التي تحاك هنا وهناك، وهي ما سأبقى أدافع عنه حتى الإفراج عنهم، وتحقيق العدالة".

كذلك تحدث  موسى عبدالرحمن لروداو "بتاريخ 7\3\2008 تم اعتقالي من قبل الأمن العسكري أثناء تأدية الخدمة الإلزامية في حمص، في قلم العمليات في الجيش السوري، بسبب تسريب التعميم العنصري بحق المجندين الكورد الذي صدر في أواخر 2007 تحت عنوان سري للغاية – خاص بالضباط موقًع من قبل نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وقائد الأركان آنذاك العماد حسن تركماني، لاحتمال عمالة هؤلاء المجندين لصالح الاستخبارات الإسرائيلية عن طريق الأحزاب الكوردية بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق عن طريق التنصت على الضباط السوريين باهدائهم هواتف خلوية، التعميم كان بهدف خلق حجة لقتل المجندين الكورد، حيث استشهد بعد 2004 حتى ذلك التاريخ العشرات من الكورد في الجيش السوري".

تابع عبد الرحمن "نشرنا التعميم في موقع كسكسور الالكتروني وكان رفاقي في حركة الشباب الكورد (عبد المجيد تمر وسيبان زبير والصديق فايق إبراهيم اليوسف ودجوار كلش) مطلعين على ذلك فقط، وقد اعترفت بالتسريب وتبنيته كما أملى عليّ ضميري خوفاً على مجندين أبرياء كانوا يتعرضون للتعذيب الوحشي بسبب التسريب ذاك، حيث اعتقل كثيرون خلال شهرين بعد نشره".

وصف عبد الرحمن المعتقلات بـ "قطار موت يسير ببطء" وقال "تم نقلي من فرع إلى آخر خلال مدة التحقيق وكانت خمسة أشهر في الأفرع 261 – 291 – 285 ثم السجن المرعب صيدنايا تحت أشد صنوف التعذيب الوحشي وبتهمة حكمت بها وهي تسريب وثائق عسكرية وإفشاء أمور عسكرية في حالة الحرب، واقتطاع جزء من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة أجنبية، وبها تم تجريدي من الحقوق المدنية".

أردف عبد الرحمن "لنظام السجن أساليب تعذيبه الخاصة، وحسب ما مر بنا أتوقع ألا يوجد في العالم سجن شبيه بتلك المقبرة المرعبة، إنه مسلخ بشري، من الشبح لفترة طويلة، والضرب والرش بالماء، والتعذيب بالكهرباء، وربط الخصيتين بالمطاط من أجل الحرمان من الذرية هذا إذا خرجت من المقبرة، بالإضافة إلى الدولاب الذي يتذكره كل معتقل مر بصيدنايا، ويبقى ألمه إذا خرج من المسلخ حياً، بساط الريح لكسر العامود الفقري، والحرمان من النوم، أما الجوع فيجعل المعتقل يبحث عن صرصور أو فأرة ليسد بها جوعه وألم المعدة، أما الحرمان من الزيارات فحدث ولا حرج وتهديد الأهل بالاغتصاب أمام أعينهم إذا لم يعترف المعتقل بكل التهم الموجهة إليه".

مستذكراً "عشرة أشهر من التعذيب ما بين الشهر الثالث حتى الثاني عشر من عام ٢٠٠٨ عند وقوع المجزرة الشهيرة وقتل النظام للمئات من المدنيين ومنهم شهداء كورد كتحسين خيري ممو من حزب يكيتي الكوردي وجكر أكرم ومحمد فوزي وشكري عمر، وقد كانت في المبنى المطوق بكتائب الدبابات وحقول الألغام والجدران المرتفعة، حيث وقعت مقبرة جماعية دفن فيها مدنيون بعيداً عن كل القيم وبترهيب وحشي ما تزال قائمة أمام ناظرنا".

عبد الرحمن أضاف "أخلي سبيلي في 19/3/ 2011 بعدما أن سلّمت للمخابرات العسكرية، وسرحت من الجيش، بعد ثلاث سنين بين فروع الأمن والسجن، وأخلي سبيل سجناء سياسيين آخرين، ونقل البعض الآخر إلى محفظاتهم إثر اندلاع الثورة السورية، خاصة الكورد منهم في مساعي سياسية رافقها قرار منح الجنسية للكورد المجردين منها، لإبعاد الكورد عن الثورة السورية".

المعتقل السابق موسى عبد الرحمن أضاف قائلاً "منعنا من زيارات أهالينا لعامين ونيف، وفي فترة الأشهر الخمسة الأولى لم يكونوا الأهل يعرفون عن مصير أبنائهم شيئاً، خرجنا وقلوبنا مع أصدقاء تعرفنا عليهم، وبقوا في تلك السجون ومراكز الاعتقال المرعبة، فلا يسعنا إلا أن نقول الخلود للشهداء، والحرية لباقي المعتقلين".


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب