النظام المختلط في كوردستان كواقع حال هو الأنسب من النظام البرلماني

23-08-2015
سوزان ئاميدي
A+ A-

 إن تطبيق كل مبادئ الديمقراطية هو أساس للنظام السياسي المستقر . فالتداول السلمي للسلطة من أهم مؤشرات الاستقرار السياسي, وتمتع كل مؤسسات ومنظمات الدولة بالشرعية والرضا العام الشعبي وكذلك غياب العنف السياسي, واستجابة الحكومة للمطالب والاحتياجات المختلفة للجماهير وسيادة القانون والالتزام بالقواعد الدستورية, وإعلاء قيم العدالة الاجتماعية كمبادئ حاكمة لسياسة الدولة في مختلف المجالات, وتجانس الثقافة السياسية للنخبة والجماهير, وقوة النظام السياسي وقدرته على حماية المجتمع وسيادة الدولة. كل ذلك يسهم وبقوة في استقرار النظام السياسي , أما  إذا ما حدث تدخل خارجي غير مسؤول أو تعرض الوطن الى عدوان من قوى خارجية كما يحصل الان للعراق وكوردستان من خطر محدق من قبل تنظيم داعش الإرهابي والخلاف الحاصل الان حول منصب رئيس اقليم كوردستان فان الواقع السياسي يفرض على جميع القوى السياسية التروي والتفكير قبل اتخاذ اي موقف سياسي قد يضر بالقضية ويزيدها تعقيدا . وبالتالي عكس كل ذلك يعني عدم الاستقرار السياسي , بمعنى عدم حنكة وقدرة النظام على التعامل مع الأزمات , وعدم قدرته على إدارة الصراعات القائمة داخل المجتمع وخارجها .

وفي حالة اقليم كوردستان العراق فيمكننا اعتبار شكل النظام فيه اقرب إلى النظام المختلط منه إلى النظام البرلماني المذكور في مشروع الدستور, إذ تقر  (المادة الأولى) من مشروع دستور كوردستان  بأن نظامه السياسي برلماني جمهوري ديمقراطي . فالوقائع والحقيقه والممارسات للسلطة فضلا عن ان احكام مواد المشروع وقواعدها لاتنسجم مع قواعد الحكم البرلماني , فالمشروع يقر باحكام تنسجم مع النظم الرئاسية , وذلك لأن المشروع يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الإقليم , والمفروض في النظم البرلمانية أنها من اختصاصات رئيس الوزراء , وهذا ماجاء به الدستور ضمن اختصاصات رئيس الإقليم وصلاحياته , في المادة 60 الفقرة الأولى , والمادة 65 في الفقرات (أولاً – خامسا – سابعا – ثامنا – تاسعا –عاشرا – أحد عشر – إحدى وعشرون – اثنان وعشرون - ثلاث وعشرون ) . فضلا عن المواد ( 70 – 74 الفقرة الثانية – 92 الفقرة الثانية - 109 ) . إلا أن تقوية صلاحيات رئيس الإقليم بهذه الصورة المذكورة , هي اقرب إلى النظام الرئاسي منها إلى النظام البرلماني . وبسبب الجمع بين أحكام النظام البرلماني والنظام الرئاسي وقواعدهما , يمكننا اعتباره نظام مختلط , أو شبه الرئاسي , أو هو نوع من الأنظمة المُهجّنة.

وأقرب نموذج لنظام الإقليم ,هو النموذج الفرنسي وهو الجمع بين عناصر  كلا النظامين البرلماني والرئاسي , وتتمثل فرنسا الحالة التقليدية في هذا المزج أو النظام المهجن , فعندما فشل النظام البرلماني في فرنسا ,في ظل الجمهورية الرابعة التي أقامها دستور 1946 ,نظراً لنشاط البرلمان وتكراره طرح سحب الثقة من الحكومة ,التي أدت إلى عدم استقرار السلطة التنفيذية, حرص واضعو  الدستور سنة 1958 ,على تقوية السلطة التنفيذية, باقتباس بعض ملامح النظام الرئاسي, مع الإبقاء على بعض خصائص النظام البرلماني . وعليه ولد نظام مختلط ,سمي بالنظام شبه الرئاسي , وقامت بعض دول أمريكا اللاتينية , وافريقيا ,بنقل هذا الدستور الفرنسي, المعروف باسم دستور الجمهورية الخامسة . ولا يخلوا نجاح تجربة النظام المختلط من بعض السلبيات , فللنظام المختلط ايجابيات وسلبيات , ويمكن تلخيص اهم هذه  الايجابيات بـ : 1- ثنائية السلطة التنفيذية بين رئيس الإقليم ورئيس الحكومة. 2- مسؤولية الحكومة أمام البرلمان.3- وجود تعددية حزبية . اما السلبيات فتتمثل بـ  :  1- هيمنة رئيس الإقليم على السلطة التنفيذية. 2- عدم مسؤولية رئيس الإقليم إلا في حالة الخيانة العظمى. 3- تصادم مصالح رئيس الإقليم مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذي يمثل مصالح البرلمان. 4- إساءة استخدام قانون الطوارئ والحق في طلب الاستفتاء من قبل الرئيس.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الاعلامية

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب