اليوم الثاني للزيارة.. لقاء تاريخي يجمع البابا فرنسيس مع السيستاني

06-03-2021

22:34

بغداد.. جموع المصلين يرحبون بالبابا فرنسيس في كاتدرائية القديس يوسف بالزغاريد والبخور

البابا فرنسيس في كنيسة القديس يوسف

أ ف ب

 في باحة كاتدرائية مار يوسف للكلدان، انتظرت جموع من المصلين المسيحيين الذين تضاءلت أعدادهم على مرّ السنوات في بغداد، بصمت مهيب رجلاً لم يحلموا قطّ برؤيته.

هناك أقام البابا للمرّة الأولى قداساً بالطقس الكلداني، فاق عدد المشاركات به من النساء الرجال، ارتدت بعضهن غطاءَ أنيقاً أسود أو أبيض فوق رؤوسهن، احتراماً للزعيم الروحي لأكثر من 1,3 مليار مسيحي في العالم.

في الباحة، وانتظاراً لأول قدّاس يحييه حبر أعظم في العراق، جلس الحضور على مقاعد خشبية مزينة بأزهار زاهية، حاملين بأيديهم مسابح أو كتب صلاة صغيرة، فيما فصلتهم دقائق قليلة للقاء البابا فرنسيس.

فجأة،انكسر الهدوء الذي كان يخيم على الأجواء، وارتفعت مئات الأيادي بشكل عفوي إلى السماء. وصل البابا بملابسه البيضاء إلى الباحة الخارجية للكاتدرائية، وبالزغاريد وتراتيل الطقس الشرقي التي تليت باللغة العربية، استقبل المصلون، بعد طول انتظار، البابا أخيراً.

فيما عبر الحبر الأعظم الرواق المؤدي إلى الكنيسة، لم يتوانَ الحضور مراراً وتكراراً عن رفع هواتفهم لالتقاط صورة ذاتية معه، بل نزعوا كماماتهم عدة مرات لتظهر ابتسامات فرحةً لم يتمكنوا من احتوائها في ظلّ هذه المناسبة التاريخية.

بدت الحماسة واضحةً أيضاً على وجوه الشباب من الحضور رغم أن عددهم كان قليلاً.

واستعدت جوقة أطفال لاستقبال البابا بالتراتيل. من بينهم فتاة صغيرة وضعت على رأسها قبعة كبيرة الحجم وعليها صورة البابا، قالت وقد بدا عليها الحماس "تدربنا لثلاثة أيام كاملة" استعداداً لاستقبال الضيف الاستثنائي.

توجّه البابا إلى الحضور بكلمة عن التواضع والمحبّة أججت مشاعر نبيل يعقوب البالغ من العمر 46 عاماً، والذي يقطن في بغداد منذ زمن طويل. وقال: "لقد نجوت من كل شيء، من الطائفية، من العنف، من التفجيرات في بغداد"، فيما جلس في الصف الأول في باحة الكنيسة حيث شاهد القداس عبر شاشة.

- "البابا هنا اليوم" -

رغم الفرح العارم الذي خيّم على المكان، إلا أن الحضور داخل الكنيسة كان محدوداً، على خلفية تفشي وباء كوفيد-19، إذ منحت كل رعيّة في بغداد 13 دعوة فقط لتوزيعها على الرعايا التابعين لها، كما قال الأب نظير دكو في الكاتدرائية، ويسمح لهؤلاء فقط بدخول الكنيسة.

وقال دكو الذي تلى خلال القداس نصاً من إنجيل القديس متى بلحنٍ شرقيّ خاص بطقوس الكنيسة الكلدانية المشرقية إن "هذا أول لقاء حقيقي يجمع قداسته مع رعيته".

في القداس، بارك البابا فرنسيس القربان والنبيذ اللذين يرمزان بالنسبة للمسيحيين إلى دم وجسد المسيح، لكنّه لم يقم بطقس المناولة شخصياً.

وقام بدلاً منه العشرات من رجال الدين بتقديم القربان للمصلين. وطلبت امرأة من الكاهن أن يضع قطعة القربان لها في صندوق صغير لتأخذه معها إلى قريب مريض.

وفيما همّ البابا بالمغادرة، بدأ الحضور بهتاف عبارة "فيفا بابا" أو "ليحيا البابا".

وكانت زيارة البابا فرنسيس حتى الآن محكومةً بقواعد احتواء وباء كوفيد-19، وبدأت بلقاءات رسمية في بغداد الجمعة، ولقاء مع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني السبت، بالإضافة إلى زيارة لأور جنوباً. لكن كل تلك اللقاءات خلت من الجموع الغفيرة التي عادة ما تلاقي حبراً أعظم في مثل هذه الزيارات.

وأثارت تلك التدابير غضب عدد من المسيحيين البغداديين، ممن لم يتسنَّ لهم المشاركة في القداس داخل الكنيسة، رغم أنّهم عانوا في تجنّب الحواجز الأمنية العديدة التي أقيمت في جميع الطرق المؤيدة إليها، ليصلوا إلى بواباتها.

من بين هؤلاء الذين بقوا في الخارج، سميرة يوسف العراقية الكاثوليكية التي جاءت مع أختها لمحاولة حضور القداس. وقالت لفرانس برس "كنت أنتظر خارج الكنيسة منذ الظهر، كنت أنتظر هذه اللحظة طوال حياتي".

وأضافت: "إذا لم يسمحوا لي بالدخول... سأبكي".

في الجوار، وقف طفل صغير وهو ينظر إلى حراس الفاتيكان وهم يغلقون بوابة الكنيسة التي تفوقه طولاً بثلاثة أضعاف. وقال فهد وهو مسلم يبلغ من العمر 12 عاماً "أنا أعيش في الجوار وآتي إلى هنا طوال الوقت لإضاءة الشموع".

وأضاف "لكن البابا هنا اليوم... أتمنى أن يصبح الأمر طبيعيًا ويأتي إلى العراق طوال الوقت".

 
اقرأ المزيد

18:09

البرلمان العربي يثمن زيارة البابا فرنسيس للعراق: تعزيز قيم التضامن والتسامح والحوار بين الأديان

اجتماع سابق للبرلمان العربي

رووداو ديجيتال 

رحب البرلمان العربي بالزيارة التاريخية التي قام بها بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس إلى العراق، مشيداً بدعوة قداسته لتعزيز الاستقرار والسلام في البلد الذي عانى شعبه من ويلات الحروب والأزمات على مدى الاعوام الماضية.

وأكد البرلمان العربي في بيان، اليوم السبت (6 آذار 2021) تلقت شبكة رووداو الاعلامية، نسخة منه، أن "رسائل التضامن والمصالحة والمحبة والوحدة الوطنية، وغيرها من المعاني الإنسانية النبيلة التي حملتها هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة في ترسيخ قيم التعايش المشترك بين جميع الطوائف العراقية".

وأضاف البيان، أن "هذه الزيارة الاستثنائية في أهميتها وتوقيتها تمثل تجسيداً حقيقياً لوثيقة الأخوة الإنسانية" التي تم توقيعها بين أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان في عام 2019. 

وشدد البيان، على دعمه الكامل لكافة الجهود والمبادرات التي تهدف إلى ترسيخ قيم التسامح وتعزيز ثقافة الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، مؤكداً مساندته التامة للعراق ولكل ما يصون وحدته الوطنية ويعزز أمنه واستقراره الداخلي.

اقرأ المزيد

16:45

الكاظمي يسمي السادس من آذار يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق

مصطفى الكاظمي

رووداو ديجيتال

اعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي السادس من حزيران، يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق.


وقال الكاظمي في تغريدة له على منصة التواصل تويتر: بمناسبة اللقاء التأريخي بين قطبي السلام والتسامح، سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، وقداسة البابا فرنسيس، ولقاء الأديان في مدينة أور التأريخية، نعلن عن تسمية يوم السادس من آذار من كل عام، يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق.

 
اقرأ المزيد

14:28

مشيداً بدور الكورد في ثورة العشرين.. جميل الربيعي لرووداو: لقاء البابا فرنسيس مع السيستاني منطلقاً للحوار بين الأديان

جميل الربيعي
جميل الربيعي

رووداو ديجيتال

رحب الاستاذ في الحوزة العلمية في النجف جميل الربيعي، بزيارة البابا فرنسيس إلى النجف واعتبرها فاتحة خير للوحدة الإنسانية، آملا أن تكون منطلقاً للحوار بين الأديان.

وقال الربيعي لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم السبت (6 آذار 2021) إن "النجف مدينة علمية أممية جامعة لجميع شعوب الأرض، وهي منفتحة على مر التاريخ على جميع الأديان والمذاهب والقوميات، وبمرجعيتها وبجامعتها العليا الكبرى هي بالواقع مدينة مقدسة ضاربة في عمق التاريخ، هي مدينة مقدسة وممرّاً للأنبياء".

وبيّن أن "استقبال المرجعية العليا بزعامة علي السيستاني لبابا الفاتيكان هي خطوة لوصل الحوار بين الأديان والتفاهم ونبذ الفطائفي والعنصرية والتطرف"، لافتاً إلى أن "هذه الزيارة ستوفق السيستاني والبابا للتأكيد على نبذ العنصرية والطائفية، والدفاع عن الحق والعدل والمظلومين والمستضعفين".

الربيعي أشار إلى أن "استقبال المرجع الديني السيستاني لبابا الفاتيكان يدل على انفتاحنا على العالم أجمع، وغياب التعصب والانغلاق لدينا".

وتطرق الربيعي لطبيعة العلاقة بين الشيعة والكورد، بالقول إنها "كانت علاقة تحابب وتواصل وما زالت إلى الآن"، مستذكراً مشاركة "المجاهدين الكورد في ثورة العشرين ومشاركة 600 مجاهد من عشائر الكورد وصلوا الى النجف وتوجهوا إلى الجنوب للمقاتلة تحت لواء المرجعية التي كانت تقود الثورة حينها".

وأردف الربيعي: "نحن كنا مجاهدين وجاهدنا من شمال العراق، حينها تعاملنا مع الكورد، دخلنا بيوت الكورد وكُرمنا هناك، ومن يريد أن يفصل الكورد عن العراق والتشيع فهو مشتبه، نحن لدينا علاقة مشتركة وطيدة"، موضحاً أن "المرجعية دافعت عن كل الطوائف شيعة، سنة، عربا، كوردا، تركمانا، وحتى عن المسيحيين".

وأكد الاستاذ في الحوزة العلمية أن "النجف والمرجعية تتعاون مع كل انسان مصلح، ومن مبادئنا وعقائدنا وأحكامنا أننا كلنا إخوة في الله، لذلك رحبنا بهذه الزيارة للبابا فرنسيس ونعتبرها فاتحة خير للوحدة الإنسانية التي دعا إليها الإسلام ونأمل أن تكون منطلقا للحوار بين الأديان لا للصراع".

 
اقرأ المزيد

12:59

البابا فرنسيس من أور: لا سلام دون التعايش السلمي وينبغي تجنب الصراعات

البابا فرنسيس خلال إلقاء كلمته في مدينة أور الأثرية

رووداو ديجيتال

أكد البابا فرنسيس أن السلام لن يتحقق دون التعايش السلمي الذي "سيجمعنا معاً ويجنبنا الصراعات"، مشيراً إلى أن " الإرهاب يستغل الدين ونحن من يجب أن نمنع من يستغله كغطاء".

وقال البابا فرنسيس في كلمته من مدينة أور الأثرية: "مات الكثير من الأزيديين وسيء معاملة الكثيرين منهم ولاسيما الأطفال، فحينما هاجم الإرهاب هذا البلد فقد هاجم جزءاً من التأريخ".

 وفيما يلي كلمة البابا فرنسيس:
 

أيُّها الإخْوَةُ والأخَواتُ الأعِزّاء،

هذا المَكانُ المُبارَكُ هُوَ مَكانُ الأُصُولِ واليَنابِيع، هُنا بَدأَ عَمَلُ الله وَوُلِدَت دِياناتُنا. وَهُنا، حَيْثُ عاشَ أبونا ابراهيم، يَبْدُو وَكَأنَّنا نَعُودُ إلى بَيْتِنا. هُنا سَمِعَ ابراهيمُ دَعْوَةَ الله، وَمِن هُنا انْطَلَقَ في رِحْلَةٍ غَيَّرَتْ التاريخ. وَنَحْنُ ثَمْرَةُ تِلْكَ الدَّعْوَةِ وَتِلْكَ الرِحْلَة. قالَ اللهُ لإبراهيم: انْظُرْ إلى السَماءِ وأَحْصِ النُجُوم (را. تك 15، 5). في تِلْكَ النُجُومِ رأَى ابراهيمُ وَعْدَ نَسْلِه، لَقَدْ رآنا نَحْنُ. واليَوم، نَحْنُ اليَهُودَ والمَسِيحِيينَ والمُسْلِمين، مَعَ إخوَتِنا وأخَواتِنا مِنَ الدِياناتِ الأُخْرَى، نُكَرِّمُ أبانا ابراهيم وَنَعْمَلُ مِثْلَهُ: نَنْظُرُ إلى السَماءِ وَنَسِيرُ علَى الأرْض.

1. نَنْظُرُ إلى السماء. نُشاهِدُ السماءَ نَفْسَها بَعْدَ آلافِ السِنين، وَنَرَى النُجُومَ نَفْسَها. إنَّها تُضيءُ أَحْلَكَ الليالي لأنَّها تُضيءُ مَعًا. وَبِذَلِك، تُعْطِينا السماءُ رِسالَةَ الاتِحاد: يَدْعونا الإلَهُ العليّ، مِن فَوْق، إلى عَدَمِ الانْفِصالِ أبَدًا عَنِ الأخِ المُقيمِ إلى جانِبِنا. اللهُ المُتَعالي مِن فَوْق، يَدْفَعُنا نَحْوَ أخينا المُختَلِفِ عَنَّا. فإذا أرَدْنا أنْ نُحافِظَ علَى الأخُوَّةِ بَيْنَنا، لا يُمْكِنُنا أنْ نُحَوِّلَ نَظَرَنا عَنِ السَماء. نَحْنُ، نَسْلَ ابراهيم وَمُمَثلِي الدِياناتِ المُخْتَلِفَة، نَشْعُرُ قَبْلَ كُلِّ شيءٍ أنَّنا نَحْمِلُ هَذِهِ المَسْؤُولِيَّة: أنْ نُساعِدَ إخوَتَنا وأخَواتِنا لِيَرْفَعُوا نَظَرَهُم وَصَلاتَهُم إلى السَماء. جَميعُنا في حاجَةٍ إلى ذَلِك، لأنَّنا وَحْدَنا لا نَكْفِي أنْفُسَنا. الإنسانُ لَيْسَ كُلّيَّ القُدْرَة، وَلا يَقْدِرُ أنْ يَعيشَ وَحْدَه. إذا أبْعَدَ اللهَ عَن حَياتِه، انْتَهَى بِهِ الأَمْرُ إلى عِبادَةِ الأمُورِ الأرْضِيَّة. لَكِنَّ خَيْراتِ العالَم، التي تَجْعَلُ الكَثيرِينَ يَنْسَوْنَ اللهَ والآخَرين، ليْسَتْ هيَ سَبَبَ رِحْلَتِنا علَى الأرْض. إنَّنا نَرْفَعُ أعْيُنَنا إلى السماءِ لِنَرْتَفِعَ فَوْقَ دُنْيا الأَباطيل، وَنَخْدُمُ اللهَ لِنَخْرُجَ مِن عُبُودِيَّةِ الأنا، لأنَّ اللهَ يَدْفَعُنا إلى المَحَبَّة. هذا هُوَ التَدَيُّنُ الحَقيقيّ: أنْ نَعْبُدَ الله وأنْ نُحِبَّ القريب. في عالَمِ اليَوم، الذي غالِبًا ما يَنْسَى اللهَ العَلِيَّ أو يُقَدِّمُ صُورَةً مُشَوَّهَةً عَنْهُ تَعالى، فإنَّ المُؤْمِنينَ مَدْعُوُّونَ لِيَشْهَدُوا لِصَلاحِه، وَلْيُبَيِّنُوا أُبُوَّتَهُ بأنْ يَكُونوا هُم إخْوَةً فيما بَيْنَهُم.

مِن هذا المَكانِ يَنْبُوعِ الإيمان، مِن أرْضِ أبينا ابراهيم، نُؤَكِّدُ أنَّ اللهَ رَحيمٌ، وأنَّ أَكْبَرَ إساءَةٍ وَتَجْديفٍ هيَ أنْ نُدَنِّسَ اسْمَهُ القُدُوس بِكَراهِيَةِ إخْوَتِنا. لا يَصْدُرُ العَداءُ والتَطَرُّفُ والعُنْفُ مِن نَفْسٍ مُتَدَيِّنَة: بَلْ هذِهِ كُلُّها خِيانَةٌ لِلْدِين. وَنَحْنُ المُؤْمِنين، لا نَقْدِرُ أنْ نَصْمُتَ عِندما يُسيءُ الإرهابُ إلى الدِين. بَلْ واجِبٌ عَلَيْنا إزالَةُ سُوءِ الفَهْم. لا نَسْمَحْ لِنُورِ السَماءِ أنْ تُغَطِّيَهُ غُيُومُ الكَراهِيَة! كانَتْ كَثِيفَةً، فَوْقَ هذا البَلَد، غُيُومُ الإرْهابِ والحَرْبِ والعُنْفِ المُظْلِمَة. وَعانَتْ مِنْها جَميعُ الجَماعاتِ العِرقِيَّةِ والدينيَّة. أَوَدُّ أنْ أذْكُرَ بِصُورَةٍ خاصَّة اليَزِيدِيّين الذينَ بَكَوا لِمَقْتَلِ الكَثيرينَ مِنْهُم، وَشاهَدُوا أُلوفَ النِساءِ والفَتَياتِ والأطْفالِ يُخْطَفُونَ وَيُباعُونَ كَعَبِيد، وَقَدْ أُخْضِعُوا لِلْعُنْفِ الجَسَدِيّ والارْتِدادِ الدينيّ الإجباري. نُصَلّي اليَوْمَ مِن أجلِ الذينَ تَحَمَّلُوا هذهِ الآلام، والذينَ ما زالوا في عِدادِ المَفْقُودِين والمَخْطُوفِين حَتَى يَعُودُوا إلى بُيُوتِهِم قَريبًا. وَنُصَلّي مِن أجلِ احتِرامِ حُرِّيَّةِ الضَّميرِ والحُرِّيَّةِ الدينيَّة والاعتِرافِ بِها في كُلِّ مَكان: إنَّها حُقُوقٌ أَساسِيَّة، لأَنَّها تَجْعَلُ الإنسانَ حُرًّا لِلتَأَمُّلِ في السماءِ التي خُلِقَ لَها.

عِندما اجْتاحَ الإرْهابُ شَمالَ هذا البَلَدِ الحَبيب، دَمَّرَ بِوَحْشِيَّةٍ جُزءًا مِن تُراثِهِ الدينيّ الثَمين، بِما في ذَلِكَ الكَنائِسَ والأَدْيُرَةَ وَدُورَ العِبادَة لِمُخْتَلِفِ الجَماعات. وَلَكِنْ حَتَى في تِلْكَ اللحَظاتِ الحالِكَة، كانَتْ النُجُومُ تَتَألَّق. أُفَكِّرُ في الشَبابِ المُسْلِمين المُتَطَوِّعِين في المُوصِل، الذينَ ساعَدُوا في إعادَةِ تَرْميمِ الكَنائِسِ والأَدْيُرَة، وَبَنَوْا صَداقاتٍ أَخَوِيَّة علَى أنْقاضِ الكَراهِيَة، وأُفَكِّرُ في المَسيحيّينَ والمُسْلِمينَ الذينَ يُرَمِّمُونَ اليَوْمَ مَعًا المَساجِدَ والكَنائِس. كَلَّمَنا الأُسْتاذُ علي ثجيل عَن عَوْدَةِ الحُجَّاجِ إلى هذهِ المَدينة. الحَجُّ إلى الأماكِنِ المُقَدَّسَةِ أَمْرٌ مُهِمّ: إنَّها أَجْمَلُ عَلامَةٍ لِلْحَنينِ إلى السَماءِ وَنَحْنُ علَى الأرْض. لِذَلِك حُبُّ الأماكِنِ المُقَدَّسَة، والمُحافَظَةُ عَلَيْها، ضَرُورَةٌ وُجُودِيَّة، مُتَذَكِرينَ أبانا ابراهيم، الذي أقامَ في أماكِنَ مُخْتَلِفَة مَذابِحَ للهِ مُتَّجِهَةً إلى السماء (را. تك 12، 7 .8؛ 13، 18؛ 22، 9). لِيُساعِدْنا أبونا ابراهيم أنْ نَجْعَلَ الأماكِنَ المُقَدَّسَة، لِكُلِّ واحِدٍ مِنّا، واحَةَ سَلامٍ وَمكانَ لِقاءٍ لِلْجَميع! فَهُوَ، بِأمانَتِهِ لله، صارَ بَرَكَةً لِجَميعِ الشُعُوب (را. تك 12، 3). ولْيَكُنْ وُجُودُنا هُنا اليَوْم علَى خُطاه عَلامَةَ بَرَكَةٍ وَرَجاءٍ لِلْعِراق، والشَرْقِ الأوْسَط، والعالَمِ أجْمَع. السّماءُ لا تَتْعَبُ مِنَ الأرض: اللهُ يُحِبُّ كُلَّ أبْنائِهِ وَكُلَّ الشُعُوب. وَنَحْنُ أيضًا، لا نَتْعَبُ أبَدًا مِنَ النَظَرِ إلى السماء، وَمِنَ النَظَرِ إلى هذهِ النُجُوم، التي نَظَرَتْ وَرَأَتْ أبانا ابراهيم في زَمَنِه.

2. نَسيرُ علَى الأرْض. النَظَرُ إلى السماءِ لَمْ يُبْعِدْ عَيْنَيْ ابراهيم عَنِ الأرْض، بَلْ شَجَّعَهُ لِيَسيرَ علَى الأرْض، وأَنْ يَشْرَعَ في رِحْلَةٍ، شَمَلَتْ مِن خِلالِ نَسْلِهِ، كُلَّ زَمانٍ وَمَكان. وَلَكِنْ، كُلُّ شَيءٍ بَدأَ هُنا، مِن هُنا، أَخْرَجَهُ اللهُ "مِن أُور" (را. تك 15، 7). كانَتْ مَسيرَتُهُ مَسيرَةَ خُروج، وَفيها تَضْحِيات: كانَ عَلَيْهِ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ والبَيْتَ والأقْرباء. وَلَكِنْ، بالتَخَلِّي عَن عائِلَتِه، صارَ أبًا لِعائِلَةِ شُعوبٍ كَثيرة. يَحْدُثُ شَيءٌ مُشابِهٌ لَنا أيضًا: في مَسيرَتِنا، نَحْنُ أيضًا مَدْعُوُّونَ أنْ نَتْرُكَ رَوابِطَ وَعَلاقاتٍ تُغْلِقُ عَلَيْنا في مَجْمُوعاتِنا، فَتَمْنَعُنا مِن أنْ نُرَحِّبَ بِمَحَبَّةِ اللهِ اللامَحْدُودَة، وأنْ نَرَى في الآخَرينَ إخوَة. نَعَم، نَحنُ بِحاجَةٍ إلى أنْ نَخْرُجَ مِن أَنْفُسِنا، لأنَّنا نَحْتاجُ بَعْضُنا لِبَعْض. لَقَد جَعَلَتْنا الجائِحَةُ نَفْهَمُ أنَّ "لا أَحَدَ يَخْلُصُ وَحْدَهُ" (رسالة بابويّة العامة، Fratelli tutti، 54). وَمَعَ ذَلِك، تُعاوِدُنا دائِمًا التَجْرِبَة، لِنَضَعَ المَسافاتِ بَيْنَنا وَبَيْنَ الآخَرين. والمَبْدأُ "لِيَنْجُ كُلُّ واحدٍ بِنَفْسِهِ"، يُصْبِحُ عاجِلًا: "الجَميعُ ضِدَّ الجَميع"، وِذَلِكَ أَسْوأُ مِنَ الجائِحَة (را. نفس المرجع، 36). في العَواصِفِ التي نَمُرُّ بِها، لَنْ تُخَلِّصَنا عُزْلَتُنا، وَلَنْ يُخَلِّصَنا السِباقُ إلى التَسَلُّحِ وَبِناءِ الجُدْران. ذَلِكَ يَزيدُنا بُعْدًا بَعْضُنا عَن بَعْض، وَيَزيدُنا غَضَبًا وَكَراهِيَة. وَلَنْ تُخَلِّصَنا عِبادَةُ المال، التي تُغْلِقُنا على أَنْفُسِنا وَتُوْقِعُنا في هُوَةٍ عَميقَةٍ مِن عَدَمِ المُساواةِ تَغْرَقُ فيها البَشَريَّة. وَلَنْ يُخَلِّصَنا الاسْتِهلاكُ الذي يُخَدِّرُ الذِهْنَ وَيَشُلُّ القَلَب.

الطَريقُ الذي تُشيرُ إليْهِ السَماءُ لِنسيرَ فيهِ هُوَ طَريقٌ آخَر. إنَّهُ طَريقُ السَّلام. وَيَطْلُبُ مِنّا، خاصَّةً في العاصِفَة، أنْ نَجْتَهِدَ مَعًا بالاتِجاهِ نَفْسِه. بَيْنَما كُلُّنا نُعاني مِنَ الجائِحَة، وَبَيْنَما تَسَبَّبَتْ الصِّراعاتُ هُنا في شَقاءٍ كَثير، إنَّهُ مِن غَيْرِ اللائِقِ أنْ يَهْتَمَّ أَحَدٌ بِشُؤُونِهِ الخاصَّةِ فَقَط. لَنْ يَكونَ سَلامٌ بِدونِ مُشارَكَةٍ وَقُبولِ الجَميعِ لِلْجَميع، وَبِدونِ عَدالَةٍ تَضْمَنُ المُساواةَ والازْدِهارَ لِلْجَميع، بَدْءًا بالمُسْتَضْعَفِين. وَلَنْ يَكونَ سَلامٌ بِدونِ أنْ تَمُدَّ الشُعُوبُ يَدَها إلى الشُعوبِ الأُخْرَى. وَلَنْ يَكونَ سَلامٌ ما زِلْنا نَعْتَبِرُ الآخَرينَ أَنَّهُم آخَرُون، وَلَيْسُوا "نَحنُ"، جُزْءًا مِنّا. وَلَنْ يَكونَ سَلامٌ ما دامَتْ التَحالُفاتُ تَنْشَأُ ضِدَّ أَحَدٍ ما، لأنَّ تَحالُفاتِ البَعْضِ ضِدَّ البَعْض لا تَزيدُ إلّا الانْقِسامات. السَّلامُ ليْسَ فيهِ غالِبونَ وَمَغْلُوبون، بَلْ إخْوَةٌ وأَخَوات، يَسيرونَ مِنَ الصِّراعِ إلى الوَحْدَة، رَغْمَ سُوءِ التَفاهُمِ وَجِراحِ الماضي. لِنُصَلِّ وَلْنَطلُبْ هذا السَّلامَ لِكُلِّ الشَرْقِ الأوْسَط، وَأُفَكِّرُ بِشَكْلٍ خاصّ في سوريا المُجاوِرَة المُعَذَّبَة.

كانَ أبونا ابراهيم نَبيَّ العَليّ، وَهُوَ الذي يَجْمَعُنا اليَوْمَ مُتّحِدِينَ مَعًا. تَقُولُ نُبُوءَةٌ قَديمَةٌ إنَّ الشُعُوبَ "سَيَضْرِبونَ سُيُوفَهُم سِكَكًا وَرِماحَهُم مَناجِل" (أش 2، 4). هَذِهِ النُّبُوءَةُ لَمْ تَتَحَقَّقْ، بَلْ السُيوفُ والرِماحُ صارَتْ صَواريخَ وَقنابِل. فَمِنْ أينَ يُمْكِنُ أنْ يَبْدأَ طَريقُ السَّلام؟ بأَنْ نَعْمَلَ علَى ألَّا يَكونَ لَنا أعْداء. مَنْ كانَتْ لَهُ الشَجاعَةُ لِيَنْظُرَ إلى النُجُوم، وَمَن يُؤْمِنُ بالله، لَيْسَ لَهُ أعْداءٌ يُقاتِلُهُم. لَهُ عَدُوٌّ واحِدٌ فقط، واقِفٌ على بابِ القَلْبِ وَيَقْرَعُ يُريدُ الدُخُول: هُوَ العَداوَة. يَسْعَى البَعْضُ لِيَكونَ لَهُم أعْداء، أَكْثَرَ مِن سَعْيِهِم لِيَكونَ لَهُم أصْدِقاء، وَيَبْحَثُ كَثيرونَ عَن مَصالِحِهِم الخاصَّة علَى حِسابِ الآخَرين. إلّا أنَّ مَنْ يَنْظُرُ إلى النُجُومِ والوُعُود، وَمَن يَتْبَعُ طُرُقَ الله، لا يُمْكِنُ أنْ يَكونَ عَدُوًّا لأَحَد، بَلْ هُوَ مِن أجلِ الجَميع. ولا يُمْكِنُ أنْ يُبَرِّرَ أيَّ شَكْلٍ مِن أشكالِ الهَيْمَنَةِ والظُّلْمِ والانتِهاك، وَلا يُمْكِنُ أنْ يَعْتَدِيَ علَى أَحَد.

أيُّها الأصْدِقاءُ الأعِزّاء، هَلْ كُلُّ هذا مُمْكِن؟ يُشَجِّعُنا أبونا ابراهيم، هُو الذي عَرَفَ أنْ يَرْجُو على غَيْرِ رَجاء (روم 4، 18). في عِبْرِ التاريخ، كَثيرًا ما سَعَيْنا إلى تَحْقيقِ أهْدافٍ أرْضِيَّةٍ فقط، وَسارَ كُلٌّ مِنّا بِمُفْرَدِه، لَكِنْ بِعَوْنِهِ تَعالَى يُمْكِنُنا أنْ نُبَدِّلَ أنْفُسَنا نَحْوَ الأفْضَل. عَلَيْنا نَحْنُ إنْسانِيَّةَ اليوم، وَقَبْلَ كُلِّ شَيء، نَحنُ المُؤْمِنينَ مِن كُلِّ الأدْيان، أنْ نُحَوِّلَ أَدَواتِ الكَراهِيَةِ إلى أَدَواتِ سَلام. عَلَيْنا نَحنُ أنْ نَحُثَّ المَسْؤُولينَ عَنِ الشُعوب، وَبِشِدَّة، حَتَى يُبَدِّلُوا انْتِشارَ الأَسْلِحَةِ المُتَزايِدِ بِتَوزيعِ الغِذاءِ لِلْجَميع. عَلَيْنا نَحْنُ أنْ نُسْكِتَ الِاتِّهاماتِ المُتَبادَلة، لِنَسْمَحَ بِسَماعِ صُراخِ المَظْلومينَ والمُبْعَدِينَ علَى هذا الكَوْكَب: كَثيرُونَ هُمْ المَحْرُومونَ مِنَ الخُبْزِ والدَواءِ والتَعْليمِ والحُقُوقِ والكَرامَة! عَلَيْنا نَحْنُ أنْ نُسَلِّطَ الضَّوْءَ علَى المُناوَراتِ المَشْبُوهَة التي تَدُورُ حَوْلَ المال، وأنْ نَطْلُبَ بِشِدَّةٍ أنْ لا يَذْهَبَ المالُ دائِمًا لِتَغْذِيَةِ شَهْوَةِ البَعْضِ الجامِحَة. عَلَيْنا نَحْنُ أنْ نَحْرُسَ بَيْتَنا المُشْتَرَك مِن نَوايانا المُدَمِّرَة. عَلَيْنا نَحْنُ أنْ نُذَكِّرَ العالَمَ بأنَّ الحَياةَ البَشَريَّة قيمَتُها بِما هي، وليْسَ بِما تَمْلِك، وأنَّ حَياةَ الجَنين، وكِبارِ السِّن، والمُهاجِرين، رِجالًا وَنِساءً مِن كُلِّ لَوْنٍ وَقَوْمِيَّة، هيَ دائِمًا مُقَدَّسَة، وَقيمَتُها مِثْلُها مِثْلُ حَياةِ الجَميع! عَلَيْنا نَحْنُ أنْ نَتَحَلَّى بالشَجاعَةِ لِنَرْفَعَ أَعْيُنَنا وَنَنْظُرَ إلى النُجُوم، نُجُومِ الوَعْد، النُجُومِ التي رأَتْ أبانا ابراهيم.

كانَتْ مَسيرَةُ ابراهيم بَرَكَةَ سَلام. لَكِنْ لَمْ تَكُنْ سَهْلَة: كانَ عَلَيْهِ أنْ يُواجِهَ مَعارِكَ وأحْداثًا غَيْرَ مُتَوَقَّعَة. أمامَنا نَحْنُ أيضًا طَريقٌ وَعْر، وَنَحْتاجُ، مِثْلَ أبينا ابراهيم، أنْ نَتَّخِذَ خَطَواتٍ مَلْموسَة، وأنْ نَحِجَّ نَحْوَ الآخَرِ حتَى نَكْتَشِفَ وَجْهَهُ، وأنْ نَتَبَادَلَ الذِكْرَيات، والنَّظَراتِ ولَحَظاتِ الصَّمْت، والقِصَصَ والخِبرَات. أثَّرَتْ فيَّ شَهادَةُ السَيِّدَين داود وَحَسَن، مَسيحي وَمُسْلِم، دَرَسُوا مَعًا وَعَمِلُوا مَعًا وَلَمْ تُحْبِطْهُم الاخْتِلافات. مَعًا بَنَوْا المُسْتَقْبَل، واكْتَشَفُوا أنَّهُما إخوَة. لِلْمُضِيِّ قُدُمًا، نَحْتاجُ نَحْنُ أيضًا إلى أنْ نَقومَ مَعًا بِشَيءٍ جَيِّدٍ وَعَمَليّ. هذا هُو الطَريق، خاصَةً لِلْشَبابِ الذينَ لا يَسْتَطيعونَ أنْ يَرَوْا أحْلامَهُم تَتَحَطَّمُ بِسَبَبِ صِراعاتِ الماضي! مِنَ الضَّرُوريّ تَنْشِئَتُهُم علَى الأُخُوَّة، مِنَ الضَّرُوريّ تَنْشِئَتُهُم لِلْنَظَرِ إلى النُجُوم. وهذا أمْرٌ عاجِلٌ حقًّا، لأنَّهُ اللُقاحُ الأَكْثَرُ فَعَالِيَّةً لِبُلُوغِ غَدٍ فيهِ سَلام. لأَنَّكُم أَنْتُم، أيُّها الشَبابُ الأعِزّاء، حاضِرُنا وَمُسْتَقْبَلُنا!

مَعَ الآخَرينَ فَقَط يُمْكِنُ أنْ تَلْتَئِمَ جِراحُ الماضي. تَحَدَّثَتْ السَيِّدَة رَفَح عَن مِثالِ ناجي البُطُوليّ، مِن طائِفَةِ الصابِئَةِ المَنْدائِيين، الذي فَقَدَ حَياتَهُ في مُحَاوَلَةٍ لإنْقاذِ عائِلَةِ جارِهِ المُسْلِم. كَمْ مِنَ الناسِ هُنا، في صَمْتِ العالَمِ وَعَدَمِ اهتِمامِه، بَدَأُوا رِحْلاتِ الأُخُوَّة! تَحَدَّثَتْ أيضًا لنا السَيِّدَة رَفَح عَن مُعاناةِ الحَرْبِ التي لا تُوْصَف، والتي أَجْبَرَتْ الكَثيرينَ أنْ يَتْرُكُوا بُيُوتَهُم وَوَطَنَهُم بَحْثًا عَن مُسْتَقْبَلٍ لأَبْنائِهِم. شُكْرًا، رَفَح، علَى مُشارَكَتِنا إرادَتَكِ الراسَخَة لِلْبَقاءِ هُنا في أرْضِ آبائِك. كَثيرونَ لَمْ يَنْجَحُوا واضْطُرُّوا إلى الفِرار. أَتَمَنَّى أنْ يَجِدُوا تَرْحيبًا وِدِّيًّا يَسْتَحِقُّهُ أشْخاصٌ ضُعَفاءُ وَجَرْحَى.

بالتَحْديد، مِن خِلالِ حُسْنِ الضِيافَة، وَهيَ سِمَةٌ مُمَيَّزَة لِهَذِهِ البِلاد، حَظِيَ ابراهيم بِزيارةِ الله، وَوَهَبَهُ اللهُ ابْنًا علَى غَيْرِ تَوَقُّعٍ مِنْهُ. (را. تك 18، 1-10). نَحْنُ، الإخْوَةَ والأَخَواتِ مِن دِياناتٍ مُخْتَلِفَة، التَقَيْنا اليَوْمَ هُنا، في بَيْتِنا، وَمِن هُنا، مَعًا، نُريدُ أنْ نَلْتَزِمَ حتَى نُحَقِّقَ حُلْمَ الله وَهُوَ: أنْ تُصْبِحَ العائِلَةُ البَشَريَّة مِضْيافَةً تُرَحِّبُ بِجَميعِ أبْنائِها. وإذْ نَنْظُرُ مَعًا إلى السَماءِ نَفْسِها، نَسيرُ بِسَلامٍ على الأرْضِ نَفْسِها.

صلاة أبناء ابراهيم


أيُّها الإلَهُ القَدير، يا خَالِقَنا ويا مُحِبَّ البَشَرِ وَكُلِّ ما صَنَعَتْ يَداك، نَحْنُ أبْناءَ وَبَناتِ ابراهيم المُنتَمِينَ إلى اليَهُوديَّةِ والمَسيحيَّةِ والإسْلام، مَعَ كافَةِ المُؤْمِنينَ وَجَميعِ أصْحابِ النَوايا الحَسَنَة، نَشْكُرُكَ لأنّكَ أعطَيْتَنا ابراهيم، ابنَ هذهِ الأرْضِ النَبِيلَةِ والعَزِيزَة، أبًا مُشتَرَكًا في الإيمان.

نَشكُرُكَ لأنَّهُ مِثالُ الرَجُلِ المُؤمِن، الذي أطاعَكَ حتى النِهايَة، فَتَرَكَ عائِلَتَهُ وَقَبِيلَتَهُ وَوَطَنَهُ لِكَي يَذهَبَ إلى أرضٍ لا يَعْرِفُها.

نَشْكُرُكَ أيضًا على المِثالِ الذي قَدَّمَهُ لنا أبونا المُشْتَرَك في الشَجاعةِ، والثَباتِ وقُوَةِ النَفس، والكرَمِ والضِّيافَة.

نَشْكُرُكَ، بِصُورةٍ خاصّة، لإيمانِهِ البُطوليّ، الذي أظْهَرَهُ باسْتِعدادِهِ للتَضْحِيَةِ بِابنِهِ طاعَةً لِأمْرِك. إنَّنا نُدرِكُ أنَّ ذَلِكَ كانَ لَهُ امتِحانًا في غايَةِ الصُّعُوبَة، لَكِنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ مُنْتَصِرًا، لأنَّهُ وَثِقَ بِكَ دونَ تَحَفُظ، أنتَ الرَحِيمُ الذي يَمْنَحُ دومًا فُرَصًا لِلْبَدءِ مِن جَديد.

نَشكُرُكَ لأنَّكَ أفَضْتَ بَرَكَتَكَ على أبينا إبراهيم فَجَعَلْتَهُ بَرَكَةً لِجَميعِ الشُعُوب.

يا إِلَهَ أبينا إبراهيمَ وإِلَهَنا، نَسْأَلُكَ أنْ تَمْنَحَنا إيمانًا قَويًّا، جادًّا في عَمَلِ الخَير، إيمانًا يَفْتَحُ قُلُوبَنا لَكَ ولِكُلِّ إخوَتِنا وأخَواتِنا، ورجاءً لا يَخيب، قادِرًا على أنْ يَرَى أمانَةَ وُعُودِكَ في كُلِّ مَكان.

اجْعَلْ كُلَّ واحِدٍ منّا شاهِدًا على اهتِمامِكَ وَحُبِّكَ لِلْجَميعِ وَخاصَّةً اللاجئينَ والمُشَرَّدين، والأرامِلِ والأيتام، والفُقَراءِ والمَرضى.

افتَحْ قُلُوبَنا لِلْمَغْفِرَةِ المُتَبادَلَة، فنُصْبِحَ أَدَواتٍ لِلْمُصَالَحَةِ، فنَبْنِيَ مُجْتَمَعًا أكثرَ عَدالَةً وأُخُوَّة.

اقبَلْ جَميعَ المَوتى في دارِ الأبَديَّة، دارِ السَّلامِ والنُور، وَخاصَّةً ضَحايا العُنْفِ والحُروب.

اعْضُدِ السُّلُطاتِ المَدَنيَّةَ في البَحْثِ عنِ المَخْطُوفينَ والعُثورِ عَلَيْهِم، وفي حِمايَةِ النِساءِ والأطفالِ بِصُورَةٍ خاصَّة.

ساعِدْنا أنْ نَعْتَنِيَ بالأرْض، بَيْتِنا المُشْتَركِ الذي وَهَبْتَهُ، بِجُودِكَ وَصَلاحِكَ، لنا جَميعًا.

أيِّدْنا في إعادَةِ بِناءِ هذهِ البِلاد، وامنَحْنَا القُوَّةَ اللازِمَةَ لمُساعَدَةِ الذينَ اضْطَرُّوا إلى مُغادَرَةِ بيُوتِهِم وأراضِيهِم، لِلْعَوْدَةِ بأمانٍ وَكَرامَة، لبَدْءِ حَياةٍ جَدِيدَةٍ مُطْمَئِنَّةٍ ومُزْدَهِرَة. آمين.


اقرأ المزيد

12:36

السفير العراقي في قطر: زيارة البابا كانت حتمية ولقائه مع السيستاني نواة للقاءات أخرى

البابا فرنسيس أثناء مغادرته كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد – أ ف ب / أيمن حنة

رووداو ديجيتال

كشف سفير جمهورية العراق في قطر والسفير الأسبق لدى الفاتيكان عمر البرزنجي، اليوم السبت (6 آذار 2021)، أن زيارة البابا إلى العراق كانت حتميّة، آملا أن يكون اللقاء الذي جمع البابا مع المرجع الديني علي السيستاني نواةً للقاءاتٍ وإتفاقاتٍ أخرى، على غرار اللقاءات التي جمعت البابا مع شيخ الأزهر.

جاء ذلك في بيان رسمي صادر عن السفير البرزنجي، وأدناه نص البيان:

"وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ

بلد الأنبياء يرحب بالبابا (رمزية المكان والتاريخ في إستقبال رمزية الشخصية)

لا يخفى على أحدٍ في هذا العالم من أتباع الديانات السماوية الثلاث أن بلاد الرافدين هي أرض الرسالات ومهبط الوحي الإلهي من رب السموات، ومولدُ أبي الأنبياء (عليهم السلام والصلوات).. فقد وُلد أبو الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) في أرض العراق، وكان لمدينة أور التاريخية الشرف العظيم لهذا المولد المُبارك، فإستحقت بذلك أن تكون مقصدًا لحجِ أتباع الديانات الإبراهيمية، ومنها ينطلقُ الحجاج إلى بيت المقدس والناصرة في أرض فلسطين العزيزة حيثُ وُلد المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام). 

ولم تقتصر أرضُ العراق على هذا الشرف العظيم فحسب، بل تجاوزتهُ حتى ضمت على أرضها المقامات المباركة للأئمة الأطهار، والصحابة الأخيار، فضلًا عن الجوامع والمساجد ودور العبادة ومنها الكنائس التاريخية العريقة المنتشرة في كل مدن العراق العامرة في الموصل، وبغداد، والبصرة، وأربيل، ودهوك، والسليمانية، وغيرها الكثير.

كان لي الشرف العظيم أن أمثل بلدي سفيراً لجمهورية العراق لدى الكرسي الرسولي في حاضرة الفاتيكان لما يربو على السنتين (2017-2019)، وقد بدأتُ رحلتي الدبلوماسية تلك من حيثُ إنتهى من سبقني بتأكيد الدعوات العراقية على المستويين الحكومي والشعبي لقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس لزيارة العراق، فالعراقيون ينتظرون قداسته ويرحبون بها حباً برمزية مكانتهِ الدينية مرجعاً أعلى للكنيسة الكاثوليكية في العالم وأتباعها من المسيحيين الكاثوليك الذين يفوق عددهم مليار وثلاثمائة مليون نسمة، وكذلك حباً بشخصية البابا فرنسيس وما يمثلهُ من توازن وإعتدال ودعوة إلى التقريب بين أتباع الديانات السماوية.

فمنذُ اليوم الأول، ومن خلال تقديم أوراق إعتمادي لقداستهِ في القصر الرسولي في حاضرة الفاتيكان بتاريخ 2017/3/4، أوضحتُ لهُ منهجي في تمثيل العراق لدى الكرسي الرسولي، متخذاً قول الإمام علي (عليه السلام): "الناس صنفان: إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق" شعاراً لربط أواصر المحبة بين بلدينا الصديقيَن، مستنبطاً من هذا الشعار منهج عملٍ لأعبر بذلك كل الإعتبارات الدينية والمذهبية، فإذا بقداستهِ يفاجئني بالقول أن العراق في قلبي وأن زيارة هذا البلد حتمية ولكن في الوقت المناسب، وأردف قائلًا إن أبواب الفاتيكان ستكون مشرعةً دائماً أمامي وستسهل عملي الدبلوماسي والإجتماعي والثقافي. 

وفي غضون شهر من تسنمي مهامي سفيراً للعراق لدى الفاتيكان، فعلّتُ - ومن بمعيتي من دبلوماسيي السفارة وموظفيها - أعمال اللجنة العليا لحوار الأديان بين الأوقاف العراقية الثلاثة والمجلس البابوي (وزارة) لحوار الأديان، وقد إستضافت حاضرة الفاتيكان في نيسان/ 2017 إجتماعاتٍ مطولة ومفصلة على مدى ثلاثة أيام، تناولت المحاور الأساسية التي تجمع الديانتين الإسلامية والمسيحية، تكللت بأن تفضل قداسة البابا فرنسيس بإستقبال جميع أعضاء الوفد العراقي، على أمل أن تواصل اللجنة إجتماعاتها القادمة في بغداد مستقبلًا. 

تبين لي بعد ذلك، أن ما وعدني بهِ البابا في اللقاء الأول قد تحقق فعلًا، فلا يوجد بابٌ طرقناه أو كنيسةٌ قصدناها أو مجلسٌ بابوي (وزارة) فاتحناها إلا ووجدنا القلوب قبل الألسنة ترحب بنا وتعبّد لنا الطريق وتحقق كل ما من شأنهِ إدامة العلاقة الوطيدة التي تربط العراق والفاتيكان. 

كانت فرحتنا غامرة بإختيار غبطة بطريرك الكلدان في العراق والعالم روفائيل الأول ساكو كاردينالاً ضمن مجمع الكرادلة (وهو أعلى منصب كنسي بعد منصب البابا)، في حزيران/ 2018، وعلى إثر ذلك دعونا جميع الكاردينالات ورؤساء المجالس الحبرية في الفاتيكان، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي في حفل إستقبال على شرف نيافة الكاردينال ساكو. 

وبعد أشهرٍ قليلة من ذلك، تجلت بوضوح رغبة البابا الصادقة بزيارة العراق، فقد أوعز قداستهُ لأمين سر حاضرة الفاتيكان (رئيس الوزراء الفاتيكاني) نيافة الكاردينال پييترو پارولين لزيارة العراق أواخر عام 2018، وأقام نيافتهُ قُداس عيد الميلاد المجيد في كنيسة سيدة النجاة في بغداد بحضور فخامة الرئيس د. برهم صالح، كما زار نيافتهُ إقليم كوردستان وإلتقى كبار المسؤولين فيه، وقد رافقتُ نيافتهُ في تلك الزيارة المهمة التي شكلّت الخطوة الأساسية الأولى لزيارة الحبر الأعظم. 

لم يكن الكرسي الرسولي وقداسة البابا فرنسيس (شخصيًا) رقماً عادياً في السياسة الخارجية العراقية، حيثُ زار فخامة الرئيس د. برهم صالح الفاتيكان مرتين خلال أقل من عامٍ ونصف، فالعراق يقدر مكانة البابا فرنسيس العالمية وتأثيره الروحي في نفوس المؤمنين في كل أرجاء العالم. 

غمرتنا الفرحة العظيمة باللقاء التاريخي الذي سيجمع سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) مع قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس في النجف الأشرف، ولا بد أن يكون هذا اللقاء بين هذين المرجعين الكبيرين نواةً للقاءاتٍ وإتفاقاتٍ أخرى على غرار اللقاءات التي جمعت قداسة البابا مع شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب. 

ها وقد حانت اللحظة المُنتظرة، فنقول بقلوبنا قبل ألسنتنا: أهلًا بك يا فرنسيس في بغداد، حيثُ دار النجاة ومار يوسف.. أهلاً بك يا فرنسيس في أور، حيث وُلد إبراهيم (عليه السلام).. أهلاً بك يا فرنسيس في النجف الأشرف، حيثُ يرقدُ عليٌّ (عليه السلام).. أهلاً بك يا فرنسيس في أربيل، حيثُ ينتظرك محبوك.. أهلاً بك يا فرنسيس في الموصل وقرقوش وحوش البيعة، حيثُ منبع مسيحيي العراق".

 
اقرأ المزيد

11:55

محمد الناصري لرووداو: الحكومة مطالبة باستغلال زيارة البابا فرنسيس للتصالح ومحاربة الفساد

محمد مهدي الناصري
محمد مهدي الناصري

رووداو ديجيتال

طالب الإمام وخطيب جامع في مدينة الناصرية، محمد مهدي الناصري، اليوم السبت (6 آذار 2021) من مدينة أور الأثرية الحكومة العراقية باستغلال فرصة زيارة البابا إلى العراق للتصالح، ومحاربة أصول الفساد في العراق.

وكان الناصري من بين بعض الشخصيات ورجال الدين الذين تواجدوا في مدينة أور الأثرية استعداداً لاستقبال البابا فرنسيس هناك.

وقال الناصري لشبكة رووداو الإعلامية إن "زيارة البابا الى المرجع علي السيستاني جمعت كل أجزاء العراق ببعضها من جديد"، داعياً الحكومة العراقية للاستفادة من "هذه الفرصة الثمينة في تحريك واقع العراق من النواحي السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وفي المقدمة في الجانب الروحي"، على حدّ تعبيره.

وبيّن أن الحوار بين البابا فرنسيس مفاده: "أيتها الأديان إنكم تجتمعون في الإنسانية"، مردفاً أنها "رسالة إلى سياسيينا سواء في كوردستان أو في الجنوب أو في بغداد ليلتقوا ويتصافحوا يتنازلوا عن القضايا الصغيرة ويأخذوا بالقضايا الكبيرة".

وحول قضية الفساد في العراق وكيفية حلها، قال الناصري: "كل الأنبياء طرحوا قضية الفساد ولا بد من محاربتها، والإصلاح هو الأساس في مواجهة الفساد، فالأنبياء والآئمة وحركة الثوار والمصلحين جميعهم يلتقون عند هذه القضية، الفساد هو الذي ينخر بالواقع الاجتماعي وينخر بالأمة، وعلى السياسيين أن يلتفتوا إلى هذه القضية ويحاربوا أصول الفساد من منشأه".

 
اقرأ المزيد

10:53

الفاتيكان حول لقاء البابا فرنسيس في النجف: السيستاني رفع صوته بمواجهة العنف

جانب من لقاء البابا فرنسيس مع المرجع الديني الأعلى علي السيستاني

رووداو ديجيتال

أعلن المكتب الصحفي لبابا الفاتيكان عن تفاصيل لقاء البابا فرنسيس مع المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، في مدينة النجف، مؤكداً أن "السيستاني رفع صوته بمواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة".

وفيما يلي نص بيان الفاتيكان:

التقى قداسة البابا آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني صباح اليوم في النجف الاشرف، خلال الزيارة التي استغرقت حوالي خمسة وأربعين دقيقة، شدد الأب الأقدس على أهمية التعاون والصداقة بين الطوائف الدينية حتى نتمكن، من خلال تنمية الاحترام المتبادل والحوار، من المساهمة في خير العراق والمنطقة للبشرية جمعاء.  

وكان اللقاء فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهاداً، مؤكدين قدسية الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي. 

في إجازة آية الله العظمى، كرر قداسة البابا صلاته إلى الله، خالق الجميع، من أجل مستقبل يسوده السلام والأخوة لأرض العراق الحبيبة والشرق الأوسط والعالم أجمع.

 
اقرأ المزيد

08:44

السيستاني عقب لقاء البابا فرنسيس يشدد على نبذ لغة الحرب وعدم التوسع بالمصالح الذاتية على حساب الشعوب

صورة من اللقاء بين البابا فرنسيس والمرجع الديني علي السيستاني
صورة من اللقاء بين البابا فرنسيس والمرجع الديني علي السيستاني

رووداو ديجيتال

شدد المرجع الديني علي السيستاني، على ضرورة تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب.

 

وأصدر مكتب السيستاني بياناً، عقب اللقاء التاريخي مع بابا الفاتيكان فرنسيس، وفيما يلي نصه
"التقى سماحة السيد السيستاني (دام ظله) صباح اليوم بالحبر الاعظم (البابا فرنسيس) بابا الكنيسة الكاثوليكية ورئيس دولة الفاتيكان.

ودار الحديث خلال اللقاء حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الانسانية في هذا العصر ودور الايمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها.

وتحدث سماحة السيد عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوص ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

وأشار سماحته الى الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة ـ  ولا سيما في القوى العظمى ـ على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة.

كما أكّد على أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الانساني في كل المجتمعات، مبيناً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية.
ونوّه سماحته بمكانة العراق وتاريخه المجيد وبمحامد شعبه الكريم بمختلف انتماءاته.

وأبدى أمله بأن يتجاوز محنته الراهنة في وقت غير بعيد. وأكّد اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية.

 وأشار الى جانب من الدور الذي قامت به المرجعية الدينية في حمايتهم وسائر الذين نالهم الظلم والأذى في حوادث السنين الماضية، ولا سيما في المدة التي استولى فيها الارهابيون على مساحات شاسعة في عدة محافظات عراقية، ومارسوا فيها أعمالاً اجرامية يندى لها الجبين.

وتمنى سماحته للحبر الاعظم وأتباع الكنيسة الكاثوليكية ولعامة البشرية الخير والسعادة،  وشكره على تجشمه عناء السفر الى النجف الأشرف للقيام بهذه الزيارة".

اقرأ المزيد

08:44

اليوم الثاني للزيارة.. لقاء تاريخي يجمع البابا فرنسيس مع السيستاني

اليوم الثاني للزيارة.. لقاء تاريخي يجمع البابا فرنسيس مع السيستاني

رووداو ديجيتال

وصل البابا فرنسيس الى مدينة النجف، في اليوم الثاني من زيارته الى العراق.

وحطت طائرة البابا فرنسيس في مطار النجف الدولي، في الساعة 8:30 بتوقيت بغداد.

ويشهد العراق اليوم السبت لقاء غير مسبوق يجمع بين البابا فرنسيس، الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي في العالم، والمرجعية الشيعية العليا آية الله العظمى علي السيستاني في النجف، في واحدة من أهمّ محطات زيارة الحبر الأعظم التاريخية إلى البلاد.

وبعدما كان التقى البابافرنسيس زعماء الطوائف الكاثوليكية الجمعة في بغداد، يمدّ اليد إلى المسلمين الشيعة بزيارته السيستاني البالغ من العمر 90 عاماً والذي لا يظهر في العلن أبداً، في منزله المتواضع في مدينة النجف على بعد 200 كلم إلى جنوب بغداد.

وسيعقد الرجلان لقاء مغلقاً لمدة ساعة يأتي بعد عامين من توقيع البابا فرنسيس وثيقة الأخوة الإنسانية مع إمام الأزهر، إحدى أبرز المؤسسات التابعة للمسلمين السنة ومقرها مصر.

ويشكل السنة تسعين بالمئة من مسلمي العالم، بينما يشكل الشيعة عشرة بالمئة يتركز معظمهم في العراق وإيران.

ولن يسمح للإعلام بحضور اللقاء الذي يبدأ الساعة الثامنة صباحاً (06,00 بتوقيت غرينتش)، إلا أنه مع ذلك يشكل مصدر فخر للعديد من الشيعة في بلد يعيش منذ 40 عاماً أزمات ونزاعات، من ضمنها حرب أهلية دامية بين المسلمين السنة والشيعة.

ورفعت في بعض شوارع النجف لوحات عليها صور البابا فرنسيس وآية الله السيستاني مع عبارة بالانكليزية "اللقاء التاريخي".

في مطار بغداد الدولي الذي نزل به الحبر الأعظم الجمعة، رفعت لافتة كبرى فيها دعوة إلى التعايش والحوار بين الأديان تتضمن اقتباساً من أحد أقوال الإمام علي الشهيرة "فإنهم صنفنان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".

ويعدّ السيستاني أعلى مرجعية بالنسبة لغالبية الشيعة البالغ عددهم 200 مليون في العالم، والذين يعدون أقلية من 1,8 مليار مسلم بالإجمال. ويمثل السيستاني المولود في إيران مرجعية النجف التي تؤيد أن يكون دور المرجعية استشاريا للسياسيين وليس مُقرّرا، مقابل مرجعية قم في إيران التي تؤكد أن لرجال الدين دورا في إعطاء توجيهات سياسية على غرار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي.


وألقى آية الله العظمى بثقله في العام 2019 لإسقاط الحكومة حينها بعد أشهر من تظاهرات قادها شباب احتجاجاً على الفساد والتردي في الأوضاع الاجتماعية في بلادهم.

وينحو البابا فرنسيس كما السيستاني، إلى إطلاق مواقف سياسية غالبا. لكن كلاهما يعتمدان أسلوباً موزوناً في إطلاق مثل هذه المواقف. وفي خطابه الجمعة في بغداد، تطرّق البابا إلى مواضيع حساسة وقضايا يعاني منها العراق خلال لقائه الرئيس برهم صالح. فقال "لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام".

وأضاف "كفى عنفا وتطرفا وتحزبات وعدم تسامح! ليعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معا هذا البلد في الجوار وفي مواجهة صريحة وصادقة وبناءة".

ودعا أيضاً إلى "التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة، وكل ما هو غير شرعي".

وتجري زيارة البابا وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظل إغلاق تام سببه ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا مع أكثر من خمسة آلاف إصابة في اليوم.

وتلقى البابا لقاحاً مضاداً للفيروس، فيما لم يشر مكتب السيستاني إلى أن آية الله العظمى حصل على لقاح من جهته.

بعد النجف، يتوجه البابا فرنسيس جنوباً أيضاً إلى أور، الموقع الأثري الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي ابراهيم، أب الديانات السماوية.

وسيشارك هناك في صلاةً مشتركة مع رجال دين شيعة وسنة وأيزيديين وصابئة.

 
اقرأ المزيد