سرقوا رأس أبو جعفر المنصور وباعوه في سوق الخردة.. واليوم يطالبون بإزالته

08-05-2024
معد فياض
A+ A-
رووداو ديجيتال

نفت خلية الاعلام الامني ان تكون هناك قوات لحفظ الامن منتشرة في حي المنصور لحماية تمثال ابو جعفر المنصور، وقالت في تنويه جاء فيه: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن وجود (انتشار لقوات قيادة حفظ القانون شرطة اتحادية في منطقة المنصور تقوم بحماية تمثال ابو جعفر المنصور)".


وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد نشرت اليوم صورا لرجال شرطة ينتشرون حول تمثال ابو جعفر المنصور لحمايته من تهديدات بتفجيره، وقال تنويه خلية الاعلام الامني الذي تسلمت شبكة رووداو الاعلامية نسخة منه اليوم الاربعاء 8 ايار 2024:" نود ان نبين ان لا يوجد اي تواجد لوحدات قيادة حفظ القانون شرطة اتحادية في منطقة المنصور ولاوجود اي واجب يذكر في هذه المنطقة وان هذه الصورة هي لواجب انتشار قديم تمّ التقاطها من قبل الناس اثناء مشاهدتهم لانتشار القوات وان الامن مستتب في هذه المنطقة ولاوجود لأي تهديد لأي معلم من معالم العاصمة بغداد الحبيبة".

وكانت قد تعالت اصوات لجماعات متطرفة، مطالبة بتهديم وازالة التمثال لأسباب طائفية بحتة وهددت بتفجير التمثال الذي نحته الفنان الراحل خالد الرحال لراس الخليفة ابو جعفر المنصور  (714- 775)، ثاني الخلفاء العباسيين وبان بغداد التي اتخذها عاصمة للدولة العباسية، مما اثار سجالات واستنكارات من قبل شخصيات سنية وشيعية حفلت بنقاشاتهم وسائط التواصل الاجتماعي، واصفين هذه الدعوة بالتخريبية وغير حضارية.

في منتصف الثمانينيات  كنت قد اجريت حوار صحفي  مع النحات خالد الرحال الذي له تمثال الام في حديقة الامة بساحة التحرير بجانب الرصافة من بغداد، ونصب المسيرة في ساحة المتحف العراقي بجانب الكرخ من العاصمة العراقية اضافة الى نصب الجندي المجهول الذي يقع اليوم ضمن حدود المنطقة الخضراء، وقوس النصر في ساحة الاحتفالات الكبرى.

الرحال تحدث لي وقتذاك عن تمثال باني بغداد، ثاني خلفاء الدولة العباسية، استمرت خلافته ما بين 754 وحتى وفاته في 775 ميلادية قال ان:"المخطط الاصلي ان يكون حجم تمثال الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور كبير جدا ، والفكرة شبيها بنصب الحرية في نيويورك، وان يوضع وسط نهر دجلة من جهة الراشدية او الكريعات، شمال بغداد، بحيث يستطيع الناس الدخول اليه والصعود حتى منطقة العينين ومشاهدة بغداد من خلال عيني تمثال ابو جعفر المنصور، لكن لظروف مالية او تقنية لم تتحقق فكرته واقتصر على نحت راس التمثال الموجود حاليا في حي المنصور ببغداد والذي ازيح عنه الستار في 6 كانون الثاني عام 1977 بمناسبة عيد تأسيس الجيش العراقي".
 
تمثال المنصور لاقى ترحابا من قبل اهالي بغداد واعتبر رمزا من الرموز الحضارية لباني بغداد، خاصة وان النحات يعد واحدا من افضل مبدعي الحركة التشكيلية الحديثة وله انجازات حضارية في عموم بغداد. وهو عبارة عن منحوتة من النحاس لوجه الخليفة العباسي مركبّة على مجسم معماري على شكل قلعة عربية بنيت من الطابوق العراقي الذي بنيت به بغداد، وقبلها بابل، ويضم مجسم القلعة باب خشبية ترمز لإحدى بوابات بغداد ومزينة بالزخارف الإسلامية.

بعد الاحتلال الاميركي للعراق ارتفعت اصوات متطرفة داعية لتهديم جميع النصب الفنية لأسباب طائفية واخرى انتقاما من فترة حكم صدام حسين فتم تفجير تمثال ابو جعفر المنصور في تشرين الاول عام 2005 وسرقته وبيعه كخردة نحاس، وبعد عامين تقريبًا من تفجيره وسرقته، واستجابة لمطالب شعبية وفنية، تم اعادة صب نسخة اخرى منه في مصهر امانة بغداد في منطقة شيخ عمر وسط بغداد وجرت أعمال ترميم لقاعدته وفقا للتصاميم الاصلية وبشكل جديد ووضعه في محله السابق عهده وازاحة الستار عنه في حزيران 2008.

وضمن ذات الحملة المتخلفة تم تهديم نصب المسيرة، في ساحة المتحف العراقي وهو من ابداع ذات النحات، خالد الرحال، ثم تم تهديم نصب اللقاء الذي كان قائما في ساحة اللقاء في المنصور، بجانب الكرخ ببغداد، للفنان المعروف علاء بشير.
 
الفنان علاء بشير اوضح لرووداو بان "نصب اللقاء عبارة عن كفين يمسكان بعضهما الآخر، ويمثل رمزا للوحدة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي، وقد نفذ بحجم كبير ومن مادة الحجر المحلي وبدأ البناء قبل عام 1999 بجهود هندسية ومعمارية عراقية، وتابعت بنفسي تنفيذه". مضيفا:": ان الدوافع التي دلته لفكرة النصب كموقف بالضد من نوازع الكراهية والحقد التي صبغت مراحل من تاريخ العراق.. وأكتمل بناء النصب في عام 2001".

وأكد بشير بانه:"لم تكن للحكومة او صدام حسين اي دخل في فكرة ودلالات النصب على الاطلاق ولا اعرف حتى اليوم اسباب تهديمه او ربطه بالنظام الاسبق". كاشفا بقوله:" طلب مني صدام حسين وقتذاك تفسيرا لفكرة النصب وقد اعجب بها كونها ضد التفرقة بين العراقيين، وعندما طلبت منه كتابة اي جملة نضعها على قاعدة النصب رفض بشدة وقال هذا النصب من ابداعك وهو ملك الناس".

مواطنون عراقيون رفضوا هدم عدد من الرموز، ومنها نصب اللقاء من قبل السلطات الحاكمة في بغداد عادين هذه الإجراءات لا علاقة لها بالنظام العراقي السابق بل تتصل بروح التلاحم الوطني والوحدة بين العراقيين. وقد أزالت الحكومة العراقية عددا من النُصب والتماثيل الاخرى من شوارع وساحات بغداد بحجة انها ترمز إلى حقبة النظام السابق ومنها نُصب (المقاتل العراقي) في منطقة باب المعظم ونُصب (الاسرى الشهداء) في ساحة المستنصرية.
 
الفنان علاء بشير اوضح بان:" الشعوب والامم تفتخر بنصبها وتماثيلها والاعمال التي انجزها مبدعوها وبقيت شواهد تاريخية بالرغم من تغيير الانظمة، وعندما نزور مدن عالمية نتعرف على تاريخها الحضاري من خلال هذه النصب النحتية الرائعة، على عكس ما حدث ويحدث في العراق".

يذكر ان جهات طائفية تابعة لإيران كانت قد طالبت بإزالة نصب الشهيد للنحات اسماعيل فتاح والذي اعتبر عالميا اهم نصب نحتي، كما طالبوا بازالة نصب الحندي المجهول وقوس النصر في ساحة الاحتفالات الكبرى، والنصبين لخالد الرحال، حيث يرمز الاول لشهداء الحرب العراقية الايرانية(1980-1988) والثاني الى انتصار الجيش العراقي على القوات الايرانية.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب