الحقوق المالية لإقليم كوردستان والحل السحري المفاجىء

04-04-2024
شيروان الشميراني
الكلمات الدالة إقليم كوردستان وزارة المالية
A+ A-
 
شيروان الشميراني

ما الذي جرى خلال أيام قلائل حتى تنعدم المشاكل المتعلقة بإرسال رواتب موظفي الإقليم من الحكومة الاتحادية وتختفي؟ في وقت كان التأكيد على أن نصَّ قرار المحكمة يقول بتزويد الإقليم مستحقات شهر شباط وما بعده لن يكون إلا عبر الحسابات الشخصية وتوطينها في البنوك الحكومية التابعة لوزارة المالية الاتحادية تحديداً، ماذا حدث حتى تتوالى التصريحات عن أن المشاكل كلها حُلَّت وأن رواتب الأجهزة الأمنية ترسل عبر الكود – البايومتري - من دون الحاجة الى الأسماء التي بسببها سببت وزارة المالية أزمة داخل الوسط السياسي والشعبي في الإقليم؟
 
حينما كانت الجهات المعنية ترسل أسماء وعدد موظفي الإقليم كانت وزارة المالية الاتحادية تتأخر في الرد لغاية نهاية الدوام يوم الخميس لتترك المجال مفتوحاً للسجال والتناطح بين القوى السياسية الكوردية وبين الحكومة والشعب، أما الآن تقول إنها لن تعطل يوم الجمعة لحين اكتمال التدقيقات في الأسماء، ووزارة مالية الإقليم هي من تتحمل وجود خلل في القوائم؟ غريب.. كان يمكنها تبني الموقف ذاته الذي تتبناه الآن.. لكن الإصرار كان شديداً والعناد كان حادّاً.
 
قرار المحكمة الاتحادية الصادر في 21-2-2024 بخصوص رواتب موظفي الإقليم يتكون من قسمين أساسيين، الأول إلزام الحكومتين بصرف الرواتب، والثاني إجبار حكومة الإقليم على دفع كامل الواردات الداخلية للمركز، ولن يكون هناك راتب بعد شهر شباط إلا عبر التوطين، القسم الأول من القرار حقٌّ مطلق، والقسم الثاني ظلمٌ صارِخْ. الذي حصل هو الاتفاق بين الحكومتين على صرف الرواتب كاملاً من دون توقف لغاية إكمال إجراءات التوطين، أي تنفيذ القسم الأول من القرار وإهمال القسم الثاني، وهنا تكمن السياسية.
 
 حسب الواقع المتحرك أمام الأنظار، توجد نقطتان رئيسيتان خلف الاتفاق السريع بين الطرفين، ولا بُدّ من ملاحظة أن رئيس الحكومة الاتحادية قد نفذ الواجب على عاتقه واعتمد المرونة وتعامل مع القضية تعاملاً مسؤولاً، والنقطتان هما:
 
1- الأمريكيون، الضغط على الجانب الاتحادي على التحرر من الضغوطات الجانبية وما يأتي من خلف الحدود، وإفهام المسؤولين بأن واشنطن لن تقبل بسهولة إضعاف الإقليم بالطريقة التي يلاحظها حتى غير المهتمين بالسياسية والشأن العام، وإن زيارة السيد محمد شياع السوداني إلى واشنطن ينبغي أن تسبقها إجراءات معينة، في الصدارة حرمان الإنسان الكوردستاني من حقوق مَصادِرِ الحياة واستعمال حياة الانسان في الإقليم كسلاح في النزاع الموجود أو المختلق الذي جعل البنية المؤسسية لحكومة أربيل هدفاً مباشراً، أي رمي حجر الإستيلاء على مصدر الحياة المادية داخل الوسط الكوردي لخلخلة الوضع وإرباكه وجعل القوى تتصادم فيما بينها، ثم اللجوء الى بغداد للنجدة التي تتقدم وتلبي نداء النجدة بشروطها المكتوبة بقلم سوداء تبغي الحصول على تنازلات أساسية للكيان الفدرالي.
 
2- والعلم عند الله، لكن القراءة تقول إن الضربة الجوية للاحتلال الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق لها دخل في المرونة التي أبدتها وزارة المالية الإتحادية، بمعنى أن إيران لأول مرة منذ السابع من أكتوبر تشعر بأنها في مواجهة مباشرة مع الإسرائيليين، فالضربة محرجة للغاية، ولو كان بين أي دولتين جارتين لكانت نيران الحرب الآن مشتعلة بينهما، فإسرائيل تجاوزت كل الأعراف الدولية والقوانين الحاكمة على العلاقات الدبلوماسية المعمول بها دولياً، هنا إيران بحاجة الى تخفيف التوترات الجزئية، ليس إنهائها ووضع النقطة في نهاية سطرها، وإنما تجميدها وإنهائها مؤقتاً، فهي بحاجة الى تهدئة المواقف القريبة منها والتي هي جزئية في طبيعتها وصغيرة في حجمها وتندرج في مشروعها بعيدة المدى، وربما تأتي التصريحات المطمئنة خلال اليومين الماضيين في هذا المجال، التصريحات التي قالت إن مشكلة رواتب موظفي الإقليم قد تم حلّها ولابد أن يتوحد السنة والشيعة والكورد.
 
في النهاية إنّ القضية التي أوصلها البعض إلى مرحلة التصادم الشعبي داخل الإقليم، وحولّتها التجمعات الشعبوية غير المنضبطة الى آلة تضرب بها إحساس الناخب الغاضب، قد حُلَّت بقرار سياسي، وضعت مشكلة الراتب خارج الدعايات الانتخابية، وقد تشكل هذه النقطة الثالثة الكامنة خلف الحلّ السحري السريع، فقد رأى الحزب الدمقراطي والتي تتحمل جميع التبعات أن الرواتب تحولت إلى أداة من أدوات دفعه الى مرحلة متأخرة في الانتخابات المقبلة، لكنْ حتى مع هذا فإن الحلّ جاء سياسياً، وكان يمكن أن يكون خلال الشهور الماضية من دون تجويع الموظفين.
 
وفي هذا الاتفاق " على أمل عدم إجهاضه" درس سياسي للذين يعتمدون على الصراخ في شوارع شبكات التواصل الاجتماعي للكسب، ويَخالونَه ممارسة للسياسة، التكوينات الشعبوية غير المنظمة التي تبحث عن أربعة أرجل خشبي يجلس عليها داخل قاعة فوضوية من غير برنامج ثقافي أو إجتماعي أو خدمي، ودرس على أن القانون في العراق يأتي في المرحلة التالية بعد السياسة لأنه تحول بذاته إلى أداة في العمل السياسي.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.