في اليوم الدولي لإحياء ضحايا الإبادة الجماعية لا تنسوا ضحايا العراق وغزة

14-12-2023
سارة السهيل
A+ A-

بينما يحيي العالم احتفاله باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية في السابع من كانون الاول الجاري، فان هذا الجهد الانساني المبذول لحماية البشرية من هذه الجريمة يمثل وسام شرف على جبين الانسانية اذا ما نجحت في تحقيقه بميزان عدل ودون الكيل بمكيالين كما يجري في عالمنا المعاصر بحق العديد من شعوبنا العربية التي تعرض الكثير منها لإبادات متنوعة.

الابادة الجماعية  

مصطلح صاغه المحامي البولندي رافائيل ليمكن، في اربعينات القرن العشرين ليصفها بالتدمير المتعمد والمنهجي لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أصلهم.

فبعد المجازر التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية، فان تأسيس الامم المتحدة في بداية نشأتها صنفت جرائم الابادة الجماعية كجريمة دولية في  اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع عام 1948 ووضعت موضع التنفيذ 1951 بعد مصادقة عشرين دولة، وصلت حتى الان الى 153 دولة من بينها الاتحاد السوفييتي عام 1954 والولايات المتحدة 1988، ومن الدول العربية السعودية ومصر والعراق والأردن والكويت وليبيا والمغرب وسوريا وتونس، واستهدفت هذه الاتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

حددت المادة الثانية من الاتفاقية الإبادة الجماعية بمجموعة الجرائم المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها مثل قتل أعضاء من الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، فرض تدابير لمنع انجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة، عنوة، الى جماعة أخرى.  

وقد جرى التطبيق العملي والقانوني الدولي لهذه الاتفاقية عام 1998 عندما حكمت المحكمتان الدوليتان على مرتكبي الإبادة الجماعية في راوندا بالسجن مدى الحياة، وبينهما جان كمباندا الذي كان رئيس الوزراء في بداية عملية الإبادة  والذي اعترف بمسؤوليته عن إبادة المدنيين التوتسيين.    

واذا كانت هذه الاتفاقية تستهدف معاقبة الافعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة بشرية، فان ما يجري بغزة اليوم من هدم وتدمير مبانيها ومساجدها ومشافيها ومدارسها وتسويتها  بالأرض في تدمير متعمد على مرأى ومسمع العالم كله بقصف جوي أسقط اكثر من 16 ألف شهيد نصفهم من الاطفال، فهذه جريمة ابادة جماعية متكاملة الأركان بحق شعب  مدني واقع تحت الاحتلال.

فكيف تنتصر هذه الاتفاقية المحترمة لحق هؤلاء الضحايا، كيف تحيي ذكراهم وتمنح ذويهم التعويض كما نصت بنود الاتفاقية؟

ومن قبل غزة فان حصار العراق اقتصاديا قد تسبب في قتل مليون طفل عراقي لم يجد حليب الاطفال والدواء، فاين حقوقهم من هذه الجريمة الدولية المتعمدة في ابادة هؤلاء الاطفال بالتجويع؟ ولماذا لم تعوض هذه الاتفاقية اهل ضحاياهم من الأطفال الابرياء.
وأين ايضا تطبيق هذه الاتفاقية من ضحايا غزو العراق الذي حصد أرواح مليون ونصف المليون عراقي وتدميره وهو  البلد العربي الأصيل تدميرا جعله يعيش زمن العصور الوسطى حينها، فمن عوض العراق عن هذا التدمير المتعمد؟

ولماذا لم تقتص هذه الاتفاقية ممن استخدم اليورانيوم المخصب خلال الحرب ضد العراق لتدمير البيئة تدميرا ليس له من دون الله كاشفة، ولم يسع جهابزة القانون الدولي او مطبقي الاتفاقية لمعاقبة المسؤولين عن تدمير العراق وقتلة اطفاله وتدمير بيئته صحيا حتى قيام الساعة؟ وأين التعويض الواجب للعراق عن هذه الجرائم ؟

أظن ان العدالة قادمة في يوم ما، لأن الانسانية ورجال القانون الشرفاء بالعالم لن يغفلوا عن حق شعوبنا في  معاقبة مجرمي الابادة الجماعية، ورغم ان المجتمع الدولي لايزال مصرا على الكيل بمكيالين فيما يخص الحقوق، فان جرائم الابادة الجماعية لا تسقط بالتقادم، خاصة وان منع جرائم الابادة الجماعية معاقبة مرتكبيها صار قانونا دوليا، يحق للشعوب المتضررة ان تستغل الظروف الدولية المناسبة لمناصرة حقوقها وتفعيل الاتفاقية والحصول على التعويض.

ومع احتفالنا بالذكرى ال 75 لهذه الاتفاقية، فإنني أناشد باقي دول العالم التي لم تصدق عليها للإسراع في المصادقة عليها لدورها المهم والمنتظر في منع جرائم الابادة الجماعية وحماية البشرية فظائعها.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.