تمزيق السودان تنفيذاً لخارطة العالم الجديد

23-01-2024
سارة السهيل
الكلمات الدالة السودان
A+ A-
 
الخيانة والتآمر على الوطن من داخل ابنائه والتعاون مع اعدائه واصحاب الاجندات والمصالح والأطماع في أرضه وخيراته، من أصعب ما يمر به شعب السودان الحبيب الذي يدفع ثمناً باهظاً للصراع على السلطة من جانب، وللأطماع الخارجية من جانب آخر .
 
هذا الثمن الباهظ أزهق أرواح المدنيين الأبرياء وهجرة السكان بالملايين الي مصر، ونهب منازلهم والسطو على ممتلكاتهم من جانب القوات المتصارعة ومن دول الجوار مثل أثيوبيا وغيرها.
 
ولأن النساء هن الاضعف فقد انتهكت حرمتهن وتعرضت الكثير منهن للاغتصاب الجماعي، وسط تغييب كامل للشرائع السماوية او الأرضية ومواثيق حقوق الانسان وحقوق المرأة.
 
ومن بقي من السكان يعيش في هلع وخوف دائمين من ان يلقوا مصير أقرانهم السودانيين من التنكيل او الاضطرار لهجرة اوطانهم أو اغتصاب نسائهم وسط تغييب اعلامي يبدو مقصوداً تماماً، فالمجازر ترتكب بحق الشعب السوداني دون ان يهتز جفن للمجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الانسان، وسط تكتم عربي ملحوظ، وكأن اراقة دماء الشعب العربي الشقيق شيء لا يهمنا، وهو ما لا يمكن تأويله سوى بالموافقة الضمنية على ما يجري بالسودان تحقيقاً لأصحاب الأجندات والمطامع الخاصة تمزيق هذا الوطن إلى دويلات، وكل صاحب أجندة يسيطر على دويلة منها وينهب خيراتها على حساب دماء أهلها الشرعيين.
 
فمنذ منتصف نيسان العام الماضي والسودان لم يعرف طعماً للأمن والسلام وتحول الى ساحة للاقتتال الداخلي بين قوات الدعم السريع بقيادة حمدتي والجيش السوداني، في صراع تتداخل فيه أطراف عربية وخارجية ترى في السودان بقرة حلوب وقعت فتكثر سكاكينها، وها هي المجازر ترتكب يومياً بحق الشعب السوداني الذي لا طاقة له ولا جمل في هذه الصراعات سوى كونه ضحية للأطماع والغدر وخيانة الأوطان.
 
فالكثير من السودانيين قد انقطعوا عن العالم بعد أن دمرت محالهم التجارية ومصادر أرزاقهم وصاروا رهناً للفقر والجوع مع انهيار القطاع الصحي والتعليمي، والأكثر منهم تعرض  للتهجير القسري والسرقة والاغتصاب والقتل العشوائي.
 
هذه الصورة المظلمة والمأساوية للواقع السوداني تكاد تضاهي مأساة الفلسطينيين في غزة المحاصرة من قوات الاحتلال الاسرائيلي، وللأسف فان السودان صارت محتلة من قبل فئة ضالة من أبنائه تجردوا من انسانيتهم وصاروا وحوشاً ضارية لا تعرف سوى القتل وتدمير الوطن والاستيلاء عليه وتفتيته بالتعاون مع الطامعين في الوطن الطيب.
 
وبين جرائم قوات الدعم السريع المدعومة من احدى الدول والموظفة لقوات الجن جويد لحرق السودان وتمزيقه وقتل اهله واغتصاب نسائه وتيتيم اطفاله وتجويعهم، وضعف موقف الجيش السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان في منع هذه الجرائم، جاءت كلمة السفيرة ليندا توماس غرين فيلد في جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول السودان في آب الماضي لتعترف بقلة التغطية الدولية للوضع في السودان، رغم ما وصفته بالعنف العبثي في معاناة لا يمكن تصورها، مستعيرة وصف احد الأطباء من الخرطوم: "جحيماً حياً"  هذا ما قاله.
 
وعرت السفيرة ليندا توماس، غياب الاعلام عن هجرة ملايين الأشخاص وقتل المدنيون في الشوارع، وترك الأطفال يتامى، واجبارهم على التجنيد، وتعرضهم للعنف، والنساء لاغتصاب وحشي ومنع وصول المساعدات الإنسانية من طعام ومياه ودواء للمحتاجين.
 
واعترفت السفيرة توماس استنادا الى تقارير موثوقة بأن قوات الدعم السريع والميلشيات المتحالفة قامت بارتكاب مجازر مستمرة وانتهاكات جديدة بناء على العرق وانتشر العنف الجسدي واسع النطاق، وحرقت المنازل ونهبت القرى، وجرى تهجير عشرات الآلاف من الأشخاص وأجبروا على الفرار إلى تشاد المجاورة وبلدان أخرى.
 
وكما طالبت بأن تتقيد الأطراف جميعها بالالتزامات المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي بشأن حماية المدنيين ودعوة الاطراف المتصارعة لوقف هذه الوحشية.
 
للأسف هذه المناظر والجرائم التي ترتكب بالسودان أعادتني للمأساة التي عاشها العراق ومن بعده سوريا دون ان تقوم منظماتنا العربية بدورها في حماية أوطاننا مثل منظمة المؤتمر الاسلامي او جامعة الدول العربية وغيرهما. للأسف أوطاننا العربية تسلب منا بأيدي الخونة فيها ولا سلاح لنا سوى اعادة يقظة الضمير واستعادة الشرفاء مصادر القوة لتطهيرها من الأوغاد و الفاسدين.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.