لبنان وطن تخلى عنه الكثيرون في ليل حالك لكنه "راجع يتعمر"

23-08-2023
سارة السهيل
الكلمات الدالة لبنان
A+ A-
 
لبنان وطن عشقته كل الشعوب العربية لجماله وبهائه وسحره الطبيعي، كان يموج بالطاقة الحيوية، ومركزا للأناقة العربية والفنون والفكر بكل أطيافه ومركزا لكل صاحب قضية وفكر وساحة لكل الاحرار، اليوم تتقاذفه أمواج سوداء ورياح عاتية من كل حدب وصوب بفعل سوء الادارة السياسية و الاقتصادية التي أوصلت البلاد الى طريق صعب.
 
اشخاص لعبوا ادوارا سلبية وايادي خارجية وانتماءات من الداخل والخارج، فأصحاب المصالح الخاصة جعلوا البلاد والعباد تحت رحمة الدين وتحت رحمة دولار خسف بالليرة اللبنانية وطرحها أرضا، وتواكب ذلك مع تقلص فرص العمل وتراجعها مقابل زيادة نسب البطالة الى 40% للرجال مقابل 50% للنساء بحسب تأكيد رئيس اتحاد العمال بلبنان، أن العمال في وضع كارثي في ظل انهيار سعر صرف الليرة وانهيار القدرة الشرائية والاستمرار بالأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار.
 
فكيف تحول وطن غال على قلوبنا جميعا من مركز اشراق في كافة مجالات الحياة الى مجرد نهيبة بنظر المنتفعين والفاسدين ينهبون خيرها ويدمرون اقتصادها ويخربون عملتها فلا يجد المواطن لقمة عيشة ولا ثمن علاجه ولا تكاليف تعليم أبنائه .
 
كيف تحولت جهود عمل سنين طويلة للمواطنين ترجموها في ودائع عملتهم الوطنية في لحظة  فقدت قيمتها فلم تعد تساوي قيمة الورق المطبوع بها؟.
 
ان فقدان الليرة اللبنانية 90% من قيمتها، كارثة بكل المقاييس، ولذلك صنف البنك الدولي الأزمة اللبنانية ضمن "أكثر الأزمات حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن 19"، ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف ان ينكوي المواطن بنيران الاسعار المرتفعة في المواد الغذائية والخدمات كالكهرباء والمياه والغاز، ولا انكر ابدا ان هناك طبقة اجتماعية تعيش براحة وطبقة اخرى تضاهي في غناها واسلوب حياتها اغنياء العالم العربي والغربي، الا ان حال المواطن الفقير هو العدم والطبقة الوسطى قد انهارت هي الأخرى ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، ناهيك عن تدهور الخدمات لمن هم يعتمدون على مرافق الدولة الحكومية ولا يستطيعون التعاطي مع القطاع الخاص  .
 
وأنا هنا لا انتقد شعباً طيباً عرف بالنظافة والحضارة والاناقة، لكني أعبر عما يختلجه قلبي من أسى على لبنان الحبيب، وأدعوه لمقاومة الاحباط واليأس، ربما بدءا من التخلص من كل ما يعيق الجمال والنضافة والصحة، والتعاون المجتمعي في ازالتها اذا تقاعس المسؤولون عن القيام بدورهم في التخلص بطرق صحية مثل القمامة او المجاري وعدم القائها بالمجاري المائية او البحر او النهر او تحت الشجر و الخضار حتى لا تنتشر الامراض والاوبئة .
 
نعم لبنان للأسف صار مرتعا للتلوث السياسي والاقتصادي والبيئي، ولكن شعبها الجميل قادر على البدء بمعالجة هذا التلوث انطلاقا من تكاتفهم معا في التخلص من التلوث البيئي .
 
وكم أدمى قلبي انتشار الفقراء والمتسولين بلبنان التي كانت قبلة فكرية للعرب، وما آل اليه اوضاع اهله بفعل مؤامرة قتل العملة الوطنية، لكني بالمقابل هناك رجال شجعان لأن (الكرم شجاعة) يحاولون مساعدة الناس؛ فقد قابلت رجلا لبنانيا يدعى ياسين فواز ويلقب بالـ(كنغ) قدم من اميركا لمساعدة الفقراء والمعوزين بشوارع لبنان خاصة الاطفال المتسولين وللنساء وكبار السن، بل انه يكاد ان يلاحقهم مقدما لهم ما يحتاجونه من مال وطعام .
 
هنا وجدت نافذة يمكن للبنانيين ان ينفذوا منها للإنقاذ ولو المؤقت متمثلا في الدور الذي يمكن ان يقوم بها لبنانيو المهجر في مساعدة ذويهم بالوطن الام وتقديم مساعدات عاجلة لهم كحل مؤقت، لأن لبنان يجب ان يعاود الوقوف على قدميه مجددا متكلا على نفسه ومرتكزا على معطياته من زراعة وصناعة وسياحة مع الانتباه الى عدم الاهدار في ما هو ليس ضروريا فإهدار الطاقة والمياه والطعام حتما من مسببات القلة والعازة ليس فقط الغلاء والضرائب وانخفاض العملة.
 
وقد يتشدق البعض بكلمات لتشويه من يقدم العون لأهل لبنان، سواء  ياسين فواز او ان كان هناك احد يفعل مثله بمساعدات  فردية، خاصة وانه كم من المليارديرات الفاسدين ولا يفكرون في اطعام الجوعى والمساكين .
 
انها دعوة للبناني المهجر كي يسرعوا بتقديم العون لذويهم بلبنان هذه المرة ليس بإرسال الاموال بل بفتح المصانع وعمل الاستثمارات وتشجيع المستثمرين الاجانب، كما انه يجب ان يكون هناك دور للمثقفين والمفكرين وخاصة في مجال الاقتصاد ان يقدموا المقترحات والحلول المناسبة بكيفية خروج لبنان من الموت وانعاشه بأفكار وتصورات اقتصادية جديدة يتم التفاهم بها مع المنظمات الدولية والعربية لمساعدة لبنان على تجاوز ازمة الديون وتوقيع الليرة والوطن على الا تكون الحلول مؤقتة بل حلولاً جذرية تستأصل الورم قبل التفشي في ربوع الوطن الجميل الذي لا يشبهه بجماله بقعة على سطح الارض بجباله الخضراء وبحره الازرق وسمائه الصافية وابنائه المتمسكين بالحياة حبا وتفاؤلا. هذا الشعب الذي هدوا له وطنه الف مرة وعمروه بكل مرة عن الف مرة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.