أحبّوا أولادكم واحترموا ذواتهم

24-06-2023
سارة السهيل
الكلمات الدالة الأطفال
A+ A-
أبناؤكم غرس العمر إما أن ينمو ويروى بالحب، أو أن تفقدوه وتحولوه دون قصد إلى شخصية مدمرة لنفسها والمجتمع، إذا أسقطتم عليهم آلامكم واضطراباتكم الداخلية ومشاكلكم اليومية. 
 
وبحسن نية يقع الآباء في فخاخ التركيز على الخطط التربوية الصارمة وبالنظم التعليمية الحديثة المكلفة جداً، دون الاهتمام بالجانب الأهم في التنشئة وهو تنمية مشاعر الصغار وتغذيتها بالحب، فغالبية الأسر لا تعرف كيف تعلم أبنائها بأنهم محبوبين لديهم، وأن صحتهم النفسية أهم من تحصيلهم الدراسي، حتى وإن أخطأوا فإننا لا نكره ذواتهم وإنما نكره سلوكهم الخاطئ. 
 
آلاف الأطفال قد شبّوا في محيط أسري مشحون بالغضب والفظاظة والعنف والقسوة التي لا يجد لها الطفل مبرراً حتى يشعر مع الوقت أنه شخص غير مرغوب فيه. وتتأكد هذه المشاعر عندما يترجم الأبوان سلوكهما معه إلى رفض لمعظم رغباته ويضيقان على فرص التسامح عند خطئه ويؤنبانه ويعاقبانه لأتفه الأسباب، مما يبعث بداخله مشاعر الخوف وانعدام الامن والسلام الداخلي. 
 
قد يحرص الآباء على إشباع حاجات الطفل من طعام وشراب لكنهما يغفلان عن حاجته الاساسية للحب والعطف والحنان واحترامه وعدم تحقيره وتعزيز ثقته بنفسه.  بينما يخطئ الآباء كثيراً عندما يربطون حبهم للطفل بما يحققه من نجاح فإذا فشل الطفل يشعر بتناقص حبهما له. 
 
فالطفل الذي يشعر بنقص الحب والحنان يفتقر إلى احترام ذاته ويفشل عندما يكبر في إقامة علاقات اجتماعية سوية، بل إنه قد ينجذب إلى العلاقات المنحرفة والمؤذية، ويعجز عن إعطاء الحب لغيره لشعوره الداخلي بعدم الأمان وسيطرة مشاعر الشك فيمن حوله.
 
وهناك عوامل عديدة تسرب إلى داخل الطفل أنه غير مرغوب فيه ومنها ظروف الطفل الذي  يضطر للعيش مع زوجة والده بعد انفصاله عن أمه، فهو يشعر بالعداء والكره تجاه زوجة والده. 
 
وقد تتحمل الأم المطلقة مسؤولية تربية أطفالها والإنفاق عليهم فتعيش صراعاً داخلياً بأنها تكبدت مسؤولية فوق طاقتها وتؤدي دور الأب والأم معاً وأنها عاجزة عن الوفاء بذلك،  فتحبط كثيراً وتصب إحباطاتها وانفعالاتها في صغارها لا شعوريا منها، فتقوم بتوبيخهم وضربهم بقسوة، وأحيانا تحملهم مسؤولية إخفاقها في حياتها الخاصة دون ذنب منهم، فيشعر الصغار بعدم الأمان.
 
وكثيراً ما يهرب الصغار إلى الشوارع هرباً من جحيم البيت وقسوته، وتمتلئ مؤسسات رعاية الطفولة بالمئات من الأطفال الأحداث الذين ألقي عليهم القبض بتهمة التشرد نتيجة القسوة التي يعاملون بها داخل أسرهم. 
 
قد يلجأ الطفل إلى التخريب ومعاكسة والديه والتمرد على سلطتهما، رغبة منه في معاقبتهما علي عدم حبهما له، أو قد يسقط هذا العقاب على ذاته على شكل سلوك مازوخي يقوده إلى إيلام والديه، مثل إهمال دروسه، وتعمد الفشل لإدراكه بأن فشله سيغضب والديه ويؤلمهما، وهذا الشعور يعطيه صورة سلبية عن ذاته وقد يدفعه الى الانحراف. 
 
كما قد يلجأ الطفل إلى الصمت، كردّ فعل على ما يعانيه من إحباط وتجاهل وانعدام الشعور بالأمن والحب، خاصة إذا كان يعيش  في بيئة قمعية، فالعدوانية أو الصمت، كلاهما انعكاس لفقدان الطفل للحب والعطف والحنان. 
 
سلاحي الحب والاحترام

 

لعلاج شعور الطفل بأنه منبوذ أو غير مرضي عنه، فعلى الوالدين الإسراع بإظهار مشاعر احترام شخصية الطفل ويعاملانه بحب وعطف في جميع الحالات عندما يفشل وعندما ينجح وعندما يخطئ فحب الأهل غير مشروط وهذا لا يعني أبداً عدم توجيهه وتعليمه وإرشاده ونصحه وحتى تأديبه ولكن كل هذا بحب.
 
والمشكلة بنظر المعالجين النفسيين ليست في كيفية تربية أطفالنا؟، ولكنها تكمن في كيفية التعامل مع من نحبهم، فلا ينبغي التعامل مع أبنائنا على أنهم أشخاص تابعون لأحد، بل أنهم  أشخاص مستقلين لهم حياتهم الخاصة الواجب احترامها  طالما هذه الحياة طيبة ومستقيمة غير مؤذيه له ولغيره من أفراد المجتمع أو افراد الأسرة.  
 
فعلى الوالدين احترام شخصية الطفل ودعم سلوكياته الأخلاقية وقدراته وإظهار مكانته داخل الأسرة، وعدم مؤاخذته على خطأ ارتكبه أو لإخفاقه في تحقيق نتيجة إيجابية حتى لا يشعر الطفل باحتقار ذاته، بل يجب أن نشعره بأن البشر كلهم معرضون للصواب والخطأ، وأن التراجع عن الخطأ سهل وبعده يمكن تحقيق النجاح .
 
وبتقديري، إن تكريس طاعة الوالدين واحترامها في تربية الطفل دونما تخويف أو تهديد، وإنما تحصيل حاصل لاحترامهما وحبهما له، فيكفي أن تشارك طفلك لحظة غضبه وتظهر له حبك فيرتاح نفسياً وتقل نوبة الغضب والاستياء .
 
كذلك مدح الطفل على أي سلوك جيد يجعل هذا السلوك متكرراً مستقبلاً، ومنحه المكافآت المادية من حلوى والعاب واصطحابه برحلة ترفيهية، فتأديب الطفل يجب ان ينطلق من قاعدة الحب الراسخة وجعل القدوة الحسنة للطفل بالافعال وليس الاقوال فمهما كررت الكلام امامه فالافعال أوقع وأكثر تأثيرا.  
 
كما أود أن أنوه أن الطفل في أشهره الأولى وسنواته الأولى لا يتوقع إلا كامل الحب والحنان من والديه والاسراف في رعايته والاهتمام به وتدليله تماماً كما تفعل القطه الأم مع صغارها.  
 
لا أنكر أن التربية تبدأ من اليوم الأول في عمر الطفل وربما في بطن أمه ولكن إن لم يتغذى ويكتفي بكامل الحب والعطف في هذه المرحلة سينمو طفلاً غير سوياً على الإطلاق.  
 
فبهذه المرحلة مازال الطفل يأخذ كل شي ولا يستطيع العطاء فلكل مرحلة طريقتها فإن كبر قليلاً نعطيه الحب كاملاً وننتظر منه تحمل بعض المسؤولية والواجب حسب عمره و تحمله. 
 
ولا شك أن أغداق مشاعر الحب على  الطفل  خصوصاً في مرحلة الصبا ينمّي قدراته العقلية التخيلية لاستيعاب العالم من حوله وفهمه  وادراك المفاهيم المعنية التي تمكنه من اقامة علاقات اجتماعية سوية بسهولة. 
 
أخيراً، فإن أملنا في تربية أبنائنا تربية سوية تبقى مرهونة برعاية مشاعر الطفل وبنائها وتنميتها وتعويده على ترجمتها إلى سلوكيات إيجابية تفيده وتفيد مجتمعه. 
 
وهذا يتحقق عندما نحمي الطفل من الاذى والعنف وسوء المعاملة، أو الشعور بالذل والخضوع، وغمر الطفل بمشاعر الحب والاحترام والتقدير والفخر به، واشعاره بالامان عند اخفاقه في عمل او تعرضه لمشكلة. 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.