الاستفتاء كان قراراً صائباً وناجحاً

24-09-2023
جواد ملكشاهي
الكلمات الدالة جواد ملكشاهي استفتاء اقليم كوردستان
A+ A-
رغم الحروب والويلات والكوارث التي حلت بشعبنا الكوردستاني من الانفالات واستخدام الأسلحة الكيمياوية والمقابر الجماعية وجميع السياسات الاجرامية والعدوانية على مدى قرن من الزمن لمسخ هويتنا القومية، الا ان شعبنا لم يستسلم للواقع المرير وظل صامدا بوجه جميع العواصف التي كانت تهدف للقضاء على روح التحدي والصلابة لديه والتي استمدها من صلابة جبال كوردستان.
 
لا يخفى على احد ان حلم الدولة الكوردية وبناء كيان مستقل راود شعب كوردستان على مدى قرن بعد تقسيمه عنوة بين دول المنطقة بناء على مصالح القوى العالمية الكبرى وفقا لمعاهدة سايكس بيكو عام ١٩١٦ وظل ينتظر بفارغ الصبر الفرصة  المناسبة لتحقيق هذا الحلم بالسبل الديمقراطية والحضارية بعيداً عن العنف واراقة الدماء. 
 
وكان عام 2017 هي تلك الفرصة التي كنا ننتظرها بعد التغيير الذي طرأ على نظام الحكم في العراق والمصادقة على الدستور الدائم الذي تضمن حقوق شعب كوردستان في ظل نظام ديمقراطي برلماني، والأهم الوعي والادراك والنضوج الفكري الذي امتاز به شعبنا واستعداده للتعبير عن ارادته ومطالبته المشروعة بتحقيق حلمه الكبير.
 
بناء على تلك المعطيات طرح فخامة الرئيس "مسعود بارزاني" فكرة الاستفتاء على قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقيادات الأحزاب الكوردستانية، بغية دراسة الموضوع وبلورة منهاج للانطلاق بالمشروع القومي حيث تم تأييد الفكرة مبدئيا من الجميع، وبعد عقد سلسلة من الاجتماعات ومداولات مكثفة ومناقشات مستفيضة استمرت اشهر، عقد الرئيس مسعود بارزاني في 7 حزیران 2017 اجتماعاً مع قيادات كل من "الحزب الديمقراطي الكوردستاني" و"الحزب الشيوعي الكوردستاني" و"الاتحاد الوطني الكوردستاني" و"الاتحاد الإسلامي الكوردستاني" و"الحركة الإسلامية الكوردستانية" و"حزب كادحي كوردستان"، و"حزب العاملين والكادحين في كوردستان" و"حزب الإصلاح التقدمي في كوردستان"، و"قائمة أربيل التركمانية"، و"الجبهة التركمانية العراقية" و"حزب التنمية التركماني" و"قائمة الأرمن في برلمان كردستان"، و"الحركة الديمقراطية الآشورية" و"المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري"، حيث وضع الجميع امام مسؤوليتهم القومية والوطنية والتأريخية وطرح خلاله موعد اجراء استفتاء الاستقلال في 25 ایلول 2017.
 
لم تعترض أي من القيادات التي حضرت الأجتماع على الموعد سوى طرح بعض الأسئلة والمداخلات بشان آلية تنفيذ المشروع وضرورة طمأنة دول الجوار والدول الكبرى بأن الأستفتاء لا يشكل تهديداً او أية مخاطر على أمنهم القومي ومصالحهم في المنطقة وبذلك اصبح اجراء الأستفتاء امراً حتمياً، حتى الدول التي ارسلت لها رسائل بشأن المشروع بطريقة أو بأخرى كانت لها مواقف ووجهات نظر متابينة منها، حيث رفضت بعضها الفكرة جملة وتفصيلا، ومنها لم ترفض بل طالبت بتأجيل المشروع، والبعض الآخر لم يكن لديهم موقف واضح، كونهم كانوا يشكّون في نوايا القيادة الكوردستانية في اجراء الاستفتاء وكانوا يرون المشروع مجرد مناورة أو ورقة ضغط لابتزاز الحكومة الاتحادية. 
 
وعلى الرغم من كل ما رافق الأشهر التي سبقت الاستفتاء من مواقف وتصريحات وسجالات ومناقشات والمطالبات من القيادة الكوردستانية وعلى رأسها فخامة الرئيس مسعود بارزاني لتأجیل المشروع الى إشعار آخر، الا ان الأصرار على اجراء الاستفتاء كان سيد الموقف وبعد اعداد الامور اللوجستیة اللازمة، اجري الاستفتاء يوم 25 ایلول 2017 عبر عملية سلسة وهادئة وبعيدة عن الصخب والتهويل السياسي والاعلامي، حيث سارعت الجماهير الكوردستانية من مختلف الشرائح الى مراكز الأقتراع وصناديق الاستفتاء وفي عملية ديمقراطية حرة نزيهة قل نظيرها زينوا اوراق الاقتراع وملأوا الصناديق بكلمة (نعم للاستقلال).
 
تصويت 92% من شعب كوردستان من الكورد والعرب والتركمان والاقليات الدينية في داخل اقليم كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج اقليم كوردستان لصالح الاستقلال وعدم تسجيل اية خروقات او شائبة على عملية الاقتراع التي اشرفت عليها مفوضية الانتخابات في كوردستان ومراقبة العملية من قبل العديد من المنظمات والمراقبين المحليين والدوليين وعدم تسجيل اي موقف جماهيري عراقي يرفض العملية، دلالة واضحة وبرهان قاطع على نجاح وصواب قرار اجراء الاستفتاء، رغم تداعياته الصعبة على شعبنا بسبب الموقف العدائي من شخص رئيس الوزراء وقتها حيدر العبادي وبعض القوى والشخصيات الشوفينية في الحكومة ومجلس النواب وفرض حصار جائر برّي وجوي على شعب كوردستان لمجرد ممارسة حقه المشروع بالمطالبة بكيان مستقل.
 
في الختام لا يسعنا الا ان نقف احتراما واجلالا لباني فكرة الاستفتاء فخامة الرئيس مسعود بارزاني وكل من ساهم وسجل اسمه في هذه الصفحة المشرقة من تأريخ شعب كوردستان او كان له موقف مشرف وايجابي من تلك الممارسة الديمقراطية الحضارية.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.