الحمدانية.. وماذا بعد؟

28-09-2023
شاكر الجبوري
الكلمات الدالة الحمدانية حريق
A+ A-
 
ليس جديدا تضامن العراقيين مع بعضهم في المصائب لأنهم شعب واحد لا تفرقه غير الخصومات السياسية، صحيح أن العراقيين بكوا بعين واحدة على ضحايا فاجعة الحمدانية، لكن الصحيح أيضا عدم ترك القارب يغرق بعد انتهاء مشاعر الرفض للتجاوزات على حقوق الأبرياء بحياة لا ينغصها المال السياسي.
 
عبارة الموصل وقبلها مستشفى الخطيب وحرائق المؤسسات ظلت في خفايا المجهول، ما يعني أن الخلل الحقيقي هو في قدرة الجهات التنفيذية على قول الحقيقة كاملة واحراج كل من له علاقة بتلغيم حياة العراقيين في المؤسسات العامة والخاصة.
 
نكبة الحمدانية وصف دقيق للتهاون الرسمي في السلامة العامة، وترك الأرض الرخوة تتمدد بطرق مختلفة، ما يتطلب معالجات لا تطييب خواطر مثلما يحدث بين السياسيين في الأزمات الخاصة بهم، المغامرة بحياة الأبرياء أقسى لعنات الزمن، وعدم معاقبة المتهمين بقسوة يؤسس لنكبات أخرى، فما تحت الأرض يخفي ما يحتاج الانسان معرفته من مخالفات ومساومات.
 
مطلوب من حكومة رئيس الوزراء الكشف عما جرى في الحمدانية، التي أظهرت مأساتها معدن الشعب العراقي في التسامح والوفاء التي وصفها البطريرك ساكو بالتضامن الذي وصل حد الغاء المسلمين لاحتفالات المولد النبوي الشريف.
 
لم يتسابق العراقيون الى حرب الكنائس والمساجد لكنهم يدفعون ثمن توظيفها السياسي، ما يتطلب فهما آخر لقدرة العراقيين على عناد الزمن من أجل البقاء، رسالة ينبغي قراءتها بعناية من كل أجيال السياسة، ففي العراق هناك أخوة متوارثة ومشاعر صُحبة صادقة، ربما كانت من بين أسباب العبث الخارجي بوحدة العراقيين.
 
المسيحيون كانوا وسيبقون أهل دار في العراق، وسهل نينوى يُمثل تجانسا اجتماعيا يحتوي هوية العراق كله، ولن يكون مكانا للتغير السكاني أو منصة للفرقة الدينية، فما بين سامراء وقرقوش حكاية زمن أخر، وما بين الكيلاني وكنيسة ماريا علاقة روح لا تكتوي بتوصيفات الفتنة.
 
انها دعوة لتخفيف هجوم الساسة على مشاعر العراقيين وأولويات حياتهم الطبيعية، لا يحتاجون المزيد من الأموال، لأنهم تعودوا العيش بالكفاف في بيوت متجاورة، لا يفرق بينها غير الأسماء. الكورد والعرب والتركمان والايزديين والمسيحيين هوية ما يسمونها بأرض السواد ليس لتعدد مواردها فحسب، بل لأنها تحوي أجمل وأوسع تركيبة اجتماعية في الشرق الأوسط.
 
الاستفادة من المصائب لإعادة قراءة الأولويات أفضل مئات المرات من توظيفها للاستهداف السياسي، لأن الضحايا يستحقون حزنا لا رقصا على جراح لن تلتئم بعد فقدان الحبيب و القريب.
 
الحمدانية شاهد على زمن آخر!!

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.