الجابري: الخلاف بين بغداد وأربيل سببه النزعة الاستبدادية لدى المركز وتنامي الوعي القومي الكوردي

19-05-2019
شونم عبدالله خوشناو
نديم الجابري
نديم الجابري
الكلمات الدالة كوردستان العراق نديم الجابري
A+ A-

رووداو – أربيل

أكد الأكاديمي والسياسي العراقي، نديم الجابري، أن الخلافات بين الحكومة المركزية وإقليم كوردستان تتلخص في النزعة الاستبدادية لدى حكومة بغداد وتنامي الوعي القومي باتجاه الدولة الكوردية، مشيراً إلى ضرورة أن يتفهم كل طرف هواجس الآخر.

وقال الجابري خلال حلقة نقاشية بعنوان: "رئيس إقليم كوردستان في الأعوام الأربعة المقبلة" والتي نظمه مركز رووداو للدراسات في أربيل اليوم إن "واحدة من أهم عقد النجاح لرئاسة الإقليم القادمة هي العلاقات بين المركز والإقليم، وهذه المشكلة بقيت مستعصية على الحل لسنوات طويلة".

وأضاف: "لا بد أن يتفهم طرفا النزاع طبيعة المشكلة ولماذا لم يتم يتوصل إلى حل نهائي؟ ولماذا بقيت العلاقات بين المركز والإقليم تتسم أحياناً بالجمود وتذهب إلى النزاع المسلح أحياناً أخرى؟ مع عدم وجود صيغة واحدة تحدد معالم التعامل بين الطرفين"، مبيناً أن "الغموض يكتنف هذه العلاقة ولتفكيك هذه المنظومة من العلاقات المعقدة يجب أن يتفهم كل طرف هواجس الآخر والتوقف عند الخطوط الحمراء".

وتابع أن "المركز لم يكن يخش الانفصال أو الدولة الكوردية فقط بل حتى من التجربة الفيدرالية الكوردية ولولا المداخلات الدولية التي رافقت سقوط النظام السابق لم تكن تلك التجربة لتمضي، وهذا الخوف ليس من ذات التجربة بل من امتدادها للمحافظات الأخرى التي بدأت تتأثر بتجربة إقليم كوردستان لأنها الأفضل وهذا الاتجاه بدأ يبرز في البصرة تحديداً بمطالبات تشكيل إقليم للهروب من الواقع دون تهيئة مقدماتها بينما إقليم كوردستان تدرج في التجربة الفيدرالية التي بدأت أولاً بالاعتراف بالحقوق الثقافية والحكم الذاتي ومن ثم الفيدرالية".

وأشار إلى أن "هناك في بغداد تشددٌ حيال مطالب المحافظات الأخرى وعرقلتها رغم دستوريتها"، موضحاً أن "الفيدرالية غير ناضجة لدى الأحزاب السياسية واعتقد أن اعتماد الفيدرالية في فكر الأحزاب تستخدم كخطوة من أجل الانفصال وليس لتوزيع السلطات. الكورد متأثرون بثقافة الجبل والفيدرالية هي تعبير عنها كما أن لدى إقليم كوردستان هاجس من المستقبل ونفس هذا الخوف في الوسط الشيعي يغذي فكرة الفدرلة، والمحافظات السنية أيضاً تبحث عن الفيدرالية عبر إنشاء أقاليم".

وذكر الجابري أن "المركز حاول تفكيك إقليم كوردستان حتى بعد الاستفتاء حينما تهيأت الظروف السياسية والأمنية المناسبة لذلك، فهو يخشى أن تكون المشكلات بين الجانبين مدخلاً للتدخلات الخارجية بتوسيع أطرها، وبقدر ما كانت هذه الخلافات عراقية كان حلها أسهل".

ولفت إلى أن "الإقليم لديه عقدة المركز ويعتقد أن كل من يتولى حكم المركز يسعى لتوسيع صلاحياته على حساب الإقليم وعلى بغداد تفهم هذا الهاجس الذي تعزز في الولاية الثانية من حكم المالكي الذي عمل على مركَزَة السلطة، كما أن على المركز توجيه رسائل إلى الإقليم مفادها أنه مهما كانت حكومة بغداد قوية فإنها لن تتجاوز على الإقليم وصلاحياته".

وشدد على أن "التدخلات الأجنبية الدولية والإقليمية عمقت الخلافات بين الطرفين وهي من معوقات إنجاحها إلى جانب أن هناك نوعاً من التعصب وضيق الأفق وعدم الثقة، فالطرف القوي يتصلب في مواقفه دون إبداء مرونة تجاه الطرف الآخر".

وأوضح السياسي العراقي أن "أغلب الاتفاقات وقعت ولدى الطرفين نية الانقضاض عليها في الوقت المناسب لذا نلاحظ أنها قصيرة الأمد وترافقها مشاكل عويصة خلال التطبيق"، مبيناً أن "الأطراف الكوردية سعت لوجود مركز ضعيف من خلال الدستور والديمقراطية التوافقية والأخيرة آلية عقيمة لا تولد النجاح، لذا نرى أن هناك تباين بين التشريعات والواقع".

وتابع: "الكورد يشكون من تعثر تطبيق الاتفاقات وهذا صحيح ومنها المادة 140 رغم تحديد سقف زمني في المقابل الحكومة تعتقد أن كل ما تفعله لا تأتي بنتائج إيجابية وأن الأحزاب الكوردية تسعى للانفصال وأن المحاولات لم تنجح في إبعاد الأحزاب الكوردية عن دائرة التحالفات الإقليمية والدولية"، لافتاً إلى أن "الخلاف لا يتعلق بمحاور الخلاف بل بأفق أبعد وهناك ثقافة في بغداد تميل إلى الاستبداد ولدى الدولة العراقية تاريخ طويل يمتد لـ7 آلاف سنة في هذا الإطار".

وأشار إلى "تنامي المشروع القومي الكوردي الرامي للاستقلال والذي لم يبق محصوراً بالطبقة السياسية بل امتد إلى الشارع والدليل على ذلك نتيجة الاستفتاء لكن خيار الانفصال صعب لأن الإرادة الإقليمية والدولية غير مواتية لها"، مؤكداً أن "الموقف الأمريكي يميل إلى إقامة الدولية الكوردية لكن يريد من القيادات الكوردية مسألتين وهما أن يكون تحديد توقيت إعلان الدولة وحدودها بيد واشنطن وقد رسمها الأمريكيون 19 آذار 2003، ولو كانت راغبة بضم كركوك لقامت بذلك ببساطة في 2003، لذلك عملت الولايات المتحدة على إجهاض تجربة الاستفتاء ".

واختتم قائلاً: "المشكلة اتلخص في وجود نزعة استبدادية ببغداد تقابله نزوع نحو الدولة الكوردية وتنامي الوعي القومي الكوردي باتجاه الدولة الكوردية، أما بقية المسائل فهي فرعية مثل كركوك والحدود والعلم ومناطق المادة 140".


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب