وكيل البيئة العراقية لرووداو: نحتاج 50 مليار متر مكعب من المياه ولا نحصل إلا على 40%

03-05-2024
مقابلة رووداو مع وكيل وزارة البيئة العراقية جاسم الفلاحي
مقابلة رووداو مع وكيل وزارة البيئة العراقية جاسم الفلاحي
الكلمات الدالة وزارة البيئة العراقية العراق تركيا المياه إيران
A+ A-

رووداو ديجيتال 

أعلن وكيل وزارة البيئة العراقية جاسم الفلاحي، حاجة البلد إلى 50 مليار متر مكعب من المياه لتغطية احتياجاته لكنه لا يحصل إلا على 40% فقط من الإيرادات. 
 
وفي مقابلة حصرية مع شبكة رووداو الإعلامية، قال الفلاحي إن "علينا ألا نحمّل التغير المناخي كل المسؤولية فيما يتعلق بالفقر المائي الذي نعاني منه، بل هي سياسات دول المنبع". 
 
وأشار إلى أن "محافظات البصرة، ذي قار والمثنى هي المحافظات الأكثر تضرراً في موضوع نوعية وكمية والمياه". 
 
وذكر أن العراق يحصل حالياً على "أقل من 40% من احتياجنا الحقيقي من المياه، مبيناً أن "أكثر من 90% من إيراداتنا المائية تأتي عبر الحدود". 
 
وأضاف أن "أكثر من 80% منها من الجارة تركيا، ونحو 8-10% من الجارة إيران". 

أدناه نص الحوار: 

رووداو: ما هو الوضع البيئي في العراق اليوم؟ نتحدث عن الماء. 

جاسم الفلاحي: انعقاد المؤتمر يشكل محطة مهمة جداً في مسيرة العمل البيئي، وهذا هو المؤتمر الرابع، منذ عام 2021 كانت فكرة وزارة البيئة مع وزارة الموارد المائية عقد مؤتمر دولي لمواجهة تحدي الأمن المائي.
 
الأمن المائي هو مفهوم كبير ليس له علاقة بوزارة الموارد المائية بل هو توجه دولة، أما إدارة الموارد المائية فهو عمل وزارة الموارد المائية، ولذلك بذلنا جهداً كبيراً لترسيخ مثل هذا المفهوم لأن متابعة موضوع الأمن المائي له علاقة بحياة وصحة ومستقبل أجيالنا القادمة هو عمل الدولة وكل مؤسساتها بكل أفرادها وبكل وزاراتها مع منظمات المجتمع المدني ومراكز البحث البحثية والنخب الثقافية والأكاديمية والاجتماعية والدينية.
 
أهمية انعقاد هذا المؤتمر يأتي في وقت صنف العراق على أنه من أكثر دول العالم تضرراً في موضوع التغيرات المناخية وعلينا أن نكون واعين جداً، والمقاربة يجب أن تكون ذكية.
 
علينا ألا نحمّل التغير المناخي كل المسؤولية فيما يتعلق بالفقر المائي الذي نعاني منه، بل هي سياسات دول المنبع، وهي السبب الرئيسي في تناقص ايراداتنا المائية، والعامل المناخي وارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة ومجاري أنهار مفتوحة تؤدي الى خسائر عدة مليارات من الامتار المكعبة من المياه نتيجة للتبخر إضافة إلى الملوثات التي هي في الداخل هي عوامل إضافية تساهم في زيادة تأثير الشحة المائية خصوصاً في المحافظات الجنوبية في العراق.
 
بدأنا نسمع في المرحلة الأخيرة بأنه نعطي للعراق حصص كافية من المياه لكن لا توجد إدارة رشيدة لها وتأثير التغير المناخي هو على كل دول المنطقة.
 
التغير المناخي مفهوم عالمي لكن بنسب متفاوتة، ونحن مصنفين من قبل الأمم المتحدة في أننا من أكثر خمس دول في العالم متضررين في موضوع التغير المناخي.
 
رووداو: فيما يتعلق بالإدارة المائية، سمعنا من الرئيس التركي أن مشكلة المياه في العراق تتعلق بالإدارة وليست بالحصة التي يتسملها العراق. نعم، ربما يمكننا القول إننا لسنا من الأفضل في العالم ولسنا جيدين. لكن بخصوص الحصة، كم يستقبل العراق من المياه من تركيا حالياً، وكم كان يستقبل في الماضي؟ 

جاسم الفلاحي: لأكن دقيقاً جداً. نحتاج إلى نحو 50 مليار متر مكعب لتغطية الأنشطة المختلفة..
 
رووداو: 50 مليار متر مكعب..

جاسم الفلاحي: نعم. قطاع مياه الشرب لا يستهلك أكثر من 10% من مجمل إيراداتنا المائية، لكن أكثر من 85% منها تذهب إلى الزراعة. والمشكلة الحقيقة التي يجب أن نركز عليها هي كيف يمكن أن نوزع هذه الإيرادات بطريقة صحيحة. هل نحن نزرع بطريقة صحيحة؟ هل يوجد هدر في طريقة استخدامنا السقي سيحاً وهي طريقة أجدادنا السومريين؟ هل تحقق الزراعة التي نصرف عليها 90% من إيراداتنا المائية الأمن الغذائي وتمنع العراق من الاستيراد. نسمع يومياً عن استيراد محاصيل استراتيجية وخضار وفاكهة بكذا مليار. إذاً، يجب أن يكون هدفنا الحقيقي، هو الحد الأدنى من الأمن الغذائي والاحتياجات البشرية الأخرى كمياه الإسالة، بما يردنا من إيرادات مائية شحيحة. وكما تعلمون، فإن لا أحد في العراق اليوم يستخدم مياه الإسالة للشرب، بل للغسيل والاستخدامات الأخرى، وبالتأكيد نحتاج إلى المياه في المشاريع الصناعية في تبريد محطات الكهرباء، وفي الأنشطة الصناعية والاقتصادية والتنموية الكبرى. لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة ما لم يتحقق مثلث مهم جداً وهو الأمن المائي، الأمن الغذائي والأمن الوطني. لذلك، محافظات البصرة، ذي قار والمثنى هي المحافظات الأكثر تضرراً في موضوع نوعية وكمية والمياه، ونحن نتكلم عن النوعية التي يجب أن تكون جيدة وفق المواصفات العالمية.
 
رووداو: الـ PH و..

جاسم الفلاحي: بالتأكيد. العناصر الأساسية. نحن نحصل الآن على أقل من 40% من احتياجنا الحقيقي من المياه. يعني إذا كانت تحصل على 100 مليار، نحن نحصل الآن على 40. أكثر من 90% من إيراداتنا المائية تأتي عبر الحدود، أكثر من 80% منها من الجارة تركيا، ونحو 8-10% من الجارة إيران، ومحافظة ديالى تعتمد بشكل رئيسي على إيراداتنا المائية من أنهار الوند وديالى والزاب الأعلى من الجانب الإيراني، وشط العرب كذلك، عن طريق نهر الكرخة والأنهار. إذاً، الوضع المائي مرتبط بالوضع الجيوسياسي (الجغرافي – السياسي)، ومشكلتنا الحقيقة أننا مرتبطون مع جيران جيوسياسياً، وعدم وجود قانون دولي ملزم للدول المتشاطئة بإعطائها حصص عادلة من المياه، بل يعتمد على المفاوضات المتعددة الأطراف والثنائية، كما أن لدينا زيادة غير مسبوقة في عدد السكان مع تراجع الرقعة الزراعية. لا يمكن أن تحقق أمناً غذائياً ما لم تكن هناك إيرادات مائية كافية ومساحة زراعية. لقد فقدنا نتيجة انعدام الإيرادات المائية الكافية مع قلة التساقط المطري وإزدياد درجات الحرارة، حوالي 68% من الرقعة الزراعية التي كانت صالحة للزراعة، مع وجود 1.3 مليون سنوياً زيادة في عدد السكان. لدينا أعلى مستوى خصوبة، ونأتي في المركز الأول بمنطقة الشرق الأوسط، وهذا موضوع بحاجة إلى وقفة، وهذا ما دفع بدولة رئيس الوزراء، بناء على مقترجات الجهات المعنية، إلى الموافقة على تشكيل لجنة عليا لإقرار السياسة السكانية. نحتاج إلى رؤية جديدة للتعامل مع الزيادة السكانية، وبما يتناسب مع متطلبات الأمن الغذائي الذي يعتمد على المساحات الصالحة للزراعة، وبالتأكيد لا يوجد استقلال للبلد ما لم يكن هنالك استقلال اقتصادي، واستقلال في مجال الطاقة والأمن الغذائي. وذلك، نستبشر بالزيارة الأخيرة للرئيس التركي إلى العراق والمباحثات المتقدمة التي أجراها مع رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، ونأمل أن تكون نقطة تحول في العلاقات التي يجب أن تكون تاريخية. علاقات اللغة والجيرة والدين والمصالح الاقتصادية. ولو لم يكن هناك وزن لهذه الاعتبارات، فلتكن المصالح هي التي تجمعنا. وطريق التنمية والميزان التجاري مع تركيا وإيران يمكن أن يعوّل عليهما في تحقيق حصة مائية عادلة تتناسب مع احتياجاتنا التنموية. الآن، لدينا ثورة تنموية كبيرة في العراق وفي إقليم كوردستان. تعلمون، أن سياسة الحكومة حالياً هي تعزيز استراتيجية حصاد المياه، مع التركيز على منطقة كوردستان. فعندما تحتاج إلى خزان ماء تضعه في أعلى نقطة في بيتك، وخزان العراق يجب أن يكون في إقليم كوردستان، لأنه المنطقة الوحيدة طبوغرافياً التي يمكنها تحقيق خزن مياه، وهي رؤية مستقبلية مهمة جداً تزيد اللحمة والترابط وفي نفس الوقت يمكن أن تحقق الأمن الغذائي والمائي في البلد. 
 
رووداو: تحدثت عن الأمن الغذائي وأيضاً موضوع المياه، هل تعني أنه من الأفضل ألا نزرع الأرز في مناطق الجنوب؟ هل استيراد الأرز أفضل للعراق من زراعته؟

جاسم الفلاحي: دعني أكون واضحاً. نعمل الآن على تطوير مبدأ يسمى الزراعة الذكية وهي المحاصيل التي تتناسب مع البيئة العراقية، تتحمل الظروف المناخية ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه. هذه معايير دولية. نتكلم عن رز العنبر العراقي وهو جزء من التراث الذي تعتز به محافظات الفرات الأوسط، لكننا لا نعتمد عليه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأرز فنستورد مئات الآلاف من الأطنان من دول أخرى. أنا لست مع المنع، لأن الحياة الاقتصادية للفلاح مرتبطة بالزراعة التي ورثها أباً عن جد، بل تقنن على ضوء إيراداتنا المائية. إذا كان لدينا وفرة مائية لنزرع 3 ملايين دونم، لكن ماذا لو لم تكن لدينا وفرة مائية نستطيع من خلالها تغطية حاجة الزراعة، لأن الرز بحاجة إلى غمر الأرض بالمياه. نحن نركز على القمح، الشعير، الذرة المهمة جداً لتحقيق الأمن الغذائي، مع الأخذ بنظر الاعتبار، إمكانية زراعة الشلب في حال كان لدينا فائض مائي، وكذلك تدريب الفلاحين الذين اعتادوا على زراعة رز العنبر على تخصيص جزء من أراضيهم للنعبر، ونساعدهم في الجزء الآخر عبر ادخال تقنيات الري الحديثة والسقي لزراعة محاصيل أخرى قد تحقق مردوداً أفضل من مردود العنبر الذي يعتمد على المياه.  
 
رووداو: نسمع مصطلحاً جديداً في السنوات الأخيرة هو الهجرة بسبب المناخ. أين نرى هذا التأثير بسبب التغييرات المناخية في العراق؟

جاسم الفلاحي: ربما أكون أول من أطلق مصطلح النزوح بسبب تغيّرات المناخ. الأهوار العراقية التي بذلنا جهداً كبيراً (لإحيائها) كونها إرث وطني نعتز به، لأنها من المناطق النادرة في العالم التي تتمتع بخصائص ليست موجودة في أي مكان آخر، تعرضت إلى الجفاف بسبب قلة الإيرادات المائية. سجّلنا في السنوات الأخيرة نزوح عشرات الآلاف من العوائل، ولدينا ووزارة الهجرة والمهجرين قاعدة بيانات. في عام 2021، نزحت أكثر من 40 عائلة من محافظتي ذي قار وميسان بسبب عدم وجود نسبة إغمار. الحياة الاقتصادية لهؤلاء الناس في مناطق الأهوار تعتمد على صيد السمك وتربية الجاموس والزراعة وكلها مرتبطة بوجود ماء. إذا، بدون ماء لا حياة لهؤلاء الذين ينزحون إلى المدينة التي تعاني أيضاً من نقص في الخدمات، ويقيمون عشوائيات فيها. ولكم أن تتخيلوا ازدياد معدلات الفقر والمشاكل الاجتماعية وعصابات الجريمة المنظمة وتعاطي المخدرات، بل وحتى التجنيد من قبل العصابات الإرهابية التي قد هذه بيئة ملائمة لها. بل هي ليست سبباً للنزوح الداخلي وحسب، وإنما أحد أسباب النزوح الخارجي حسب المؤشرات والأرقام التي لدينا. وتعرفون أن أحد أسباب نشاط عصابات التهريب وغرق المهاجرين في البحر، هو انعدام الأمن الغذائي.
 
رووداو: إذاً، خط النزوح داخل العراق حالياً من مناطق الريف، خاصة المحافظات الجنوبية إلى المدن ونحو الشمال عادة..

جاسم الفلاحي: حتى في إقليم كوردستان أثر تغيير المناخ على أعداد كبيرة من السكان، ولا نستيطع القول إن مناطق إقليم كوردستان لديها رفاهية مائية أو رفاهية زراعية أو اقتصادية. أنا أرى كذلك أنهم يعانون لكن بنسب متفاوتة، لكن محافظات أسفل النهر تعاني بشكل كبير جداً، خصوصاً مناطق الأهوار العراقية.

رووداو: العراق كما أشرت من الدول الخمس الأكثر تضرراً من التغيير المناخي الذي لا يعرف حدوداً، وسؤثر على الأمن وعلى الاقتصاد وحتى على الأمن الإقليمي وليس الأمن الداخلي فقط. هل يتلقى العراق المساعدات الدولية الكافية لمواجهة، أو للتأقلم مع تأثيرات التغيير المناخي؟

جاسم الفلاحي: العراق كما أشرت واقع تحت تأثير متعاظم للتغيرات المناخية، وهذا التأثير نراه يومياً..

رووداو: لسنا نحن المتسبب به..

جاسم الفلاحي: بالتأكيد..
 
رووداو: لا نملك مصانع كبرى..

جاسم الفلاحي: أذكّر دائماً بأننا ضحايا لأكثر من 300 عام من النشاط الصناعي. الدول النامية والأقل نمواً هي دول متضررة من ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن استخدام تقنيات كثيفة الكاربون من قبل الدول الصناعية الكبرى في ثورتها الصناعية، والتي أوصلت شعوبها إلى مستوى عال من الرفاهية. في المادة 6 من اتفاقية باريس للمناخ، حددنا بعد جهد كبير المسؤولية التاريخية عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتي أشارت إلى أن مسؤولية مواجهة التغيّرات المناخية مشتركة لكن متباينة. أي علينا كلنا أن نواجه تأثير التغيير المناخي حتى لا ننقرض لأننا نعيش على نفس الكوكب، لكن بظروف مختلفة، ولا يمكن أن تساوي المسبب مع الضحية، والضحية مع الجلاد، لذلك وضعت آلية تعويضية سميت صندوق المناخ الأخضر بـ 100 مليار دولار يجب أن تتحملها الدول الصناعية الكبرى لإقامة مشاريع للتكيف مع آثار التغيّر المناخي، وتكييف البنى التحتية لصالح الدول النامية للتقليل من الآثار الحادة للتغيّرات المناخية. للأسف، المبادرات خجولة لحد هذه اللحظة، وما سيقدم الآن ليس بمستوى الطموح. ربما التطور الكبير الذي حصل بعد اتفاق باريس، هو التطور الذي حصل في قمة المناخ بدبي، حيث أقر صندوق الخسائر والأضرار، وهو مهم جداً للدول النامية. يمكن أن نأخذ الأهوار العراقية مثالاً، نحسب كمية الأضرار التي نتجت عن التغيّرات المناخية، مثل الشحة المائية والجفاف والتصحر والعواصف الغبارية وانعدام الأمن الغذائي، يتم احتسابها بمعادلة وطنية رياضية لتحويلها إلى لغة أرقام، وتقديم كل هذه البيانات في وثيقة رسمية ترفع عن طريق نقطة الاتصال الرسمية مع سكرتارية المناخ العالمي، وأتشرف بأنني نقطة الاتصال، والدخول إلى آليات صندوق الخسائر والأضرار وحجمه 30 مليار دولار. بالتأكيد يمكننا الاستفادة من هذه الآليات، لكن لحد هذه اللحظة نرى بأن هنالك إزدواجية في المعايير كالعادة، بالتعامل بين الدول الصناعية الكبرى والدول النامية، وهنالك أنانية. طالبنا في كل المؤتمرات التي عقدت، من قمة باريس في 2015 ولغاية الآن بالعدالة المناخية، وهي مهمة جداً بالنسبة لحياة الناس، لأن التغيّر المناخي بدأ يؤثر على حياتنا وصحتنا. هم يريدون أن تستمر رفاهيتهم على حساب حياتنا وصحة مواطنينا. كيف؟ لا يريدون التقليل من نشاطهم الصناعي كثيف الكاربون لحد هذه اللحظة، لكن يطالبون الدول النامية بتقليل إنتاج النفط. نحن ننتج النفط لكن لا نحرقه، هم يستخدمونه لنشاطهم الصناعي. نحن والمملكة العربية السعودية قدنا فريقاً قوياً جداً للتفاوض، أفشلنا الرسالة التي كان يريدها المؤتمر وهو الاستغناء عن الوقود الأحفوري. نحن لدينا ظروف واحتياجات خاصة. العراق مرّ بخمسة عقود من الحروب وانعدام الاستقرار الأمني والسياسي ومواجهة تحدي الإرهاب نيابة عن العالم، ونحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة حتى نبني البنية التحتية المدمرة، وونتمكن من تشجيع القطاعات المنتجة للاقتصاد، ولا يكون أحادياً معتمداً على النفط فقط. نحتاج إلى زراعة ذكية، وصناعة صديقة للبيئة، وتشجيع السياحة الدينية والبيئية والثقافية، العراق كله عبارة عن متحف من دهوك إلى البصرة، وهذه تحتاج إلى أموال لتطوير بنيتها التحتية، فكيف نخفض إنتاج النفط وهو المصدر الوحيد لاقتصادنا. قاتلنا، وبصراحة ساندت الحكومة العراقية الفريق التفاوضي ورئيس مجلس الوزراء وجّه لنا كتاب شكر وتقدير لرئيس وأعضاء الوفد، ووزير البيئة كان معنا. يحضر الوفد الآن للمؤتمر القادم في باكو. نحن دولة متضررة لدينا رؤية واضحة، وبالتنسيق مع هيئة البيئة في إقليم كوردستان، وهم شركاء في كل الخطط والبرامج الاستراتيجيات، لأن موضوع البيئة في العراق يشمل العراق الاتحادي.
 
رووداو: عندما نتحدث عن التغيّر المناخي أو البيئي في العراق، عادة هناك تركيز على التصحر. لكن، أود أن اسألك عن الهواء. لماذا؟ في الآونة الأخيرة جلبت جهازاً جديداً لتنقية الهواء في البيت والذي يعطني نسبة جودة الهواء. عادة عندما نستيقظ في الصباح نفتح النافذة لاستنشاق الهواء، لكن أدركت من خلال الجهاز أن فتح النوافذ في البيت هو الأسوأ، لأنه يزيد تلوث نسبة الهواء داخل المنزل. إذاً، الهواء لدي في البيت أكثر نظافة. هذا الأمر يخيفني وبات يشكّل هاجساً لدي. ما هي نسبة تلوث الهواء في العراق؟ 

جاسم الفلاحي: التلوث يشكّل أحد أولويات وزارة البيئة في مواجهة التحديات وهي كثيرة، لكن يجب أن تحدد الأولويات. الأولوية هي التغيّر المناخي، تدهور الأراضي، العواصف الغبارية، الشحة المائية والتلوث، وهو تلوث الهواء، المياه والتربة، والتلوث الكيميائي، الاشعائي والألغام والعبوات الناسفة، ونحن من أكثر دول العالم تلوثاً. نحن الأول في كل هذه الأمور. بالنسبة لتلوث الهواء، هناك مقياس لمنظمة الصحة العالمية، أتكلم كطبيب. بالتأكيد هناك مؤشرات يجب عدم تجاوزها (حجم الدقائق العالقة في الجو)، لأنه سيكون لها تداعيات خصوصاً على أمراض الجهاز التنفسي، بالذات كبار السن والأطفال. بناء على (نتائج) الفحوصات التي لدينا، فإن بغداد والبصرة وأربيل من المدن عالية التلوث لأن معدلات النمو السكاني في هذه المناطق كبير جداً. لدينا محطات لقياس نوعية الهواء. بغداد مثلاً، مصممة لاستيعاب 3 ملايين إنسان، لكن فيها 9 ملايين إنسان حالياً، إضافة إلى مليونين يدخلون صباحاً ويخرجون، مع تقادم البنى التحتية وزيادة غير مسبوقة في أعداد السيارات. ومشاريع فك الاختناقات المرورية التي يشرف عليها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أنجزت الكثير من الأنفاق والمجسرات، ستساهم بشكل كبير في تقليل الاختناقات. لكن، في عام 2003 كانت لدينا نحو 400 ألف سيارة، والآن لدينا نحو 7 ملايين سيارة، مع تراجع البنى التحتية من الطرق والجسور والانفاق وتقدمها. عادة يتناسب معدل الانبعاثات الكربونية الضارة عكسياً مع حركة المركبة، حيث كلما كانت الطرق مفتوحة وتسير المركبة بسرعة كلما كانت الانبعاثات قليلة جداً، وكلما كانت هناك زحامات كلما كان التلوث كبيراً جداً. أما كم تبلغ نسبة التلوث؟ التلوث لا يقاس بنسبة واحدة، بل حسب المناطق. مثلاً، مناطق الصناعة النفطية في البصرة هي الأعلى تلوثاً في موضوع الدقائق العالقة، لأن هنالك حرقاً للغاز المصاحب، بينما مناطق أخرى أقل تلوثاً لكن ذلك لا يعني أنها نظيفة. إذاً، سلامة البنى التحتية وإعادة تأهيلها لتقليل الدقائق العالقة بالجو، لأن تلوث الهواء لا يبقى محصوراً في منطقة معينة. إذا حصل تلوث في محافظة نينوى، بالتأكيد سوف تتأثر أربيل وصلاح الدين، وهذا ما لاحظناه عندما أقدمت عصابات داعش الإرهابية على تفجير معمل كبريت المشراق وحرق الآبار النفطية في القيارة، حيث بلغ تلوث الهواء 200 كيلو متراً وصولاً إلى حدود إيران وإلى السليمانية، وبالتالي أقصد ضرورة أن يكون هناك إدارة متكاملة تبدأ من البنى التحتية التي أصبحت قديمة إلى ادخال آليات جديدة. لدينا الآن برنامج تطوير البنية التحتية المختبرية وهو مشروع عظيم بدأنا في تنفيذه، ولدينا مركز وطني للرصد والإنذار المبكر بدأنا في إنشائه وهو مهم سيجعل تقديم المعلومة 100% وعن وجود مؤشرات على تلوث خطير، معلومات فيها تحليل وتذهب إلى الجهات القطاعية.   
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب