قانون المعلومة عنوان لا يشبه المضمون

04-05-2024
سيف السعدي
الكلمات الدالة حقوق الانسان الامم المتحدة قانون المعلومة
A+ A-
 
الحديث عن قانون حق الحصول على المعلومة والذي فيه اشكاليات عدة منها تتعلق بصياغة العبارات، وأخرى تتعلق بتقييد المواطن في حق الحصول والوصول إلى المعلومات والوثائق بما ينسجم مع الدستور والقانون والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2004 غير أن ما أثارني هو العنوان الذي أوصلني إلى درجة التفاؤل بوجود مُشرع يفكر بحق المواطن والصحفي والإعلامي.
 
ولكن سرعان ما أصابني اليأس والإحباط عندما قرأت المضمون، وعلى ما يبدو أنَّ العراقيين مغرمون بالعناوين البراقة الجميلة، أي الاهتمام بالشكل، لذلك علمتني الحياة ان لا أحكم على المظهر لربما يصدمني الجوهر، وأكثر القوانين التي تُشرع من أجل التضييق والتكميم على هامش الحرية التي حصل عليها المواطن العراقي بعد 2003، والأديب يوسف إدريس يقول: "كل الحرية المعطاة للمواطن العربي لا تكفي لكتابة كتاب واحد، أو تنفس شخص واحد، والمواطن العربي محاط بشرطيين شرطي السلطة، وشرطي الجمهور"، ومع ذلك يبقى الفاعل السياسي ينظر إلى المثقف والصحفي والإعلامي بالمزعج، لأن السياسي يريد المحافظة على مكاسبه وصالحه، والمثقف الصحفي والإعلامي يريد التغيير.
 
عندما أطلع على المادة (2) من قانون حق الحصول على المعلومة التي تتحدث عن اهداف القانون منها: "تمكين طالب المعومة من الوصول اليها والحصول عليها بما ينسجم مع الدستور والمواثيق الدولية، وتعزيز مقومات الشفافية في عمل الجهات المعنية، وتمكين المجتمع من تنمية قدراته للاستفادة من المعلومات، ودعم روح المشاركة الواعية في الرقابة على أعمال الجهات المعنية، ودعم البحث العلمي، فضلاً عن تعزيز حرية الإعلام ودعم حرية التعبير والنشر"، ولكن هذه الاهداف لا يمكن تحقيقها وتبقى فقط شعارات "ديماغوجيا"، لأن المادة (11) من نفس القانون حددت المعلومات التي لا يمكن الوصول اليها وحددها بـ (13) فقرة وتقريباً لم يترك للمواطن أو الصحفي شيء من الوثائق والمعلومات التي يمكن ان يعزز فيها تقريره أو تحقيقه أو مقابلته، فعلى سبيل المثال الفقرة اولاً من المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها "القوات المسلحة والدفاع عن الدولة والامن الوطني والسياسة الخارجية"، والفقرة عاشراً نصت على "لا يمكن الحصول على المعلومات ذات الطبيعة التجارية أو الصناعية أو المالية أو الاقتصادية، والمعلومات عن العطاءات أو البحوث العلمية أو التقنية".
 
وهنا يفترض تغيير عنوان القانون من حق الحصول على المعلومة إلى منع الوصول إلى المعلومة، علماً أنَّ هذا القانون يتعارض مع قانون حقوق الصحفيين رقم (21) لسنة (2011)، ولاسيما المادة (3) من هذا القانون نصت على "تلتزم دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الأخرى التي يمارس الصحفي مهنته أمامها تقديم التسهيلات التي تقتضيها واجباته بما يضمن كرامة العمل الصحفي" والمادة (4/اولاً) من نفس القانون نصت على "للصحفي حق الحصول على المعلومة والأنباء والبيانات والاحصائيات غير المحظورة من مصادرها المختلفة وله الحق في نشرها بحدود القانون، ثانياً/ للصحفي حق الاحتفاظ بسرية مصادر معلوماته"، بينما المادة (6/اولاً) من قانون حقوق الصحفيين ايضاً نصت على "للصحفي حق الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية وعلى الجهات المعنية تمكينه من الاطلاع عليها والإفادة منها ما لم يكن إفشاؤها يشكل ضرراً بالنظام العام ويخالف احكام القانون".
 
عن طريق بحثي للقوانين التي تتعلق بحق الحصول على المعلومة وجدت أنَّ المملكة الأردنية الهاشمية قامت بتشريع قانون حق الحصول على المعلومة رقم (47) لسنة (2007) وعلى ما يبدو أنَّ المشرع العراقي استنسخ التجربة مع التغيير بصياغة المواد ففي المادة (3) من القانون الأردني نص على "يؤلف بموجب هذا القانون مجلس يسمى "مجلس المعلومات" ويكون وزير الثقافة رئيساً لهذا المجلس وبعضوية اعضاء من كل الوزارات، بينما القانون العراقي بالمادة (3) نص على "تؤسس في المفوضية العليا لحقوق الانسان دائرة تسمى "دائرة المعلومات" ترتبط برئيس المفوضية"!!! ولا أعرف لماذا ربطها المشرع بالمفوضية لحقوق الانسان فقط ولم يشرك دار الكتب والوثائق، وزارة الثقافة والعدل؟.
 
إذا ما رجعنا للمادة (7، 8، 9) من قانون حق الحصول على المعلومة العراقي الذي يراد تشريعه، تحتوي هذه المواد على سقوف زمنية ما بين تقديم الطلب وقبول الطلب ورد الطلب من ثم الاعتراض من خمسة ايام إلى 30 يوماً، وهذا لا يتماشى مع عصر السرعة اليوم، ومن عناصر الخبر المكان والزمان، وتحقيق السبق الصحفي!، بينما المادة (10) نصت على: "يتحمل صاحب الطلب نفقات الحصول على المعلومة"، وهل سمعتم يوماً ان الحق يباع؟ والقانون هو حق الحصول على المعلومة!، فضلاً عن لم يحدد القانون المبلغ وهذا يفتح الباب للتلاعب بالسعر!.
 
أيضاً من ملاحظاتي على قانون حق الحصول على المعلومة بصياغة العبارات على سبيل المثال المادة (11) نصت على "المعومات التي لا يجوز الحصول عليها: أولاً: القوات المسلحة والدفاع عن الدولة والامن الوطني والسياسة الخارجية"! وهل يعقل ذلك؟ صياغة ركيكة جداً، لاسيما قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 بالمادة (188) وضح بشكل ومفصل عن اسرار الدفاع، لذلك اتمنى ان يتم عقد ندوات وورشات من اجل انضاج هذا القانون بشكل واضح وصحيح قبل تشريعه بهذه الصيغة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

شيروان الشميراني

أحداث البرلمان وتعمد التعطيل

أن يحدث الاشتباك والمناوشات بالأيدي والكراسي داخل القاعات لاسيما في مجلس النواب وعند تمرير المسائل الحساسة، أمر معروف مشهود على المستوى العالمي، أن يحدث الكسر في الرؤوس يدخل في باب القبول أيضاً لأنه كسر أهون من كسر بالإطلاقات والقنابل اليدوية، لكن ان تكون المناوشات مبرمجة وبقصد التعطيل لأن النتيجة لا تساير هواك، فهذا خارج النيات الصافية والعمل المخلص الجادّ.