عدنان المفتي يفتح ملفاته حصرياً لرووداو: ملا مصطفى بارزاني زار بيت عمي في القلعة عام 1960

07-05-2024
معد فياض
الكلمات الدالة عدنان المفتي الملا مصطفى البارزاني
A+ A-

رووداو ديجيتال 

لا يخطئ في العناوين.. ما يزال يحفظ جيدا خرائط قلعة اربيل التي ولد وعاش فيها حتى بلغ الخامسة عشر من عمره..هنا يقع جامع القلعة الكبير الذي اشرفت عليه وادارته عائلته منذ 500 عام.. وهذه بوابة مدرسته الاولى.. خطاه تقوده الى بيتهم الاول، وبيت عمه شمس الدين الذي استضاف ليومين الزعيم الكوردي الخالد ملا مصطفى بارزاني.. لا تغيب عنه اية حادثة، لم يفلت منه تأريخ او تفصيل..يتذكر كل شيء وكان الاحداث تجري امامه مثل شريط سينمائي.
 
يقول السياسي الكوردي عدنان المفتي وهو يقتفي خطوات طفولته في الحلقة الاولى من  البرنامج الحواري "ملفات عدنان المفتي" الذي تبثه رووداو عربية بواقع 3 حلقات اسبوعيا: "قلعة اربيل كانت مكتظة بالسكان..كانت 80% هي اربيل وبعض المحلات السكنية الصغيرة تحت القلعة ، في عهد جدي ووالي كانت جميع الدوائر الحكومية في القلعة، واول مدرسة ابتدائية للبنين كانت في القلعة، مدرسة القلعة، ثم تحول اسمها الى الراشدية اوالرشدية، وفي عام 1927 تم افتتاح اول مدرسة للبنات".
 
جامع القلعة الكبير
 
المفتي الذي فتح لرووداو حصريا ملفاته، استطرد في الحديث عن بداياته وتاريخ عائلته في قلعة اربيل، قال:"القلعة ايضا كانت منارة للعلم غير المدرسة، كان االجامع الكبير في القلعة وهو عبارة عن مدرسة مفتوحة، اجدادنا كانوا خطباء ومدرسين في هذا الجامع الذي كانت تدرس فيه العلوم الاسلامية وياتي طلبة من بقية مناطق كوردستان ايران وتركيا وسوريا لتلقي العلوم الفقهية فيه..  كانوا عندما يعودون الى مناطقهم يفتخرون بانهم من خريجي جامع القلعة الكبير، اجدادي كانوا يمنحون الاجازات العلمية للطلبة ..بقينا في القلعة حتى عام 1964، كان عمري 15 سنة عندما تركنا القلعة".
 
مضيفا: "وقتذاك لم تكن القلعة كل شيء حيث بدأت اربيل تتوسع ومدرستنا الابتدائية كانت تحت القلعة، المظفرية، ثم توسعت الدوائر الحكومية مثل محاكم التحقيق والمحاكم الشرعية ووالدي كان قاضيا وفي ايام الصيف كان احدنا ينزل ليرافق والدي ونجلس لنستمع الى ما يجري في جلسات االمحاكم، وانفتحت اذهاننا نتيجة ما سمعناه في هذه المحاكم، اضافة الى خطب والدي في المسجد في ايام الجمعة، والايام الاخرى في شهر رمضان". منبها الى:" نحن تربينا في الجامع على الثقافة الدينية والالمام باصول اللغة العربية والشعر وقراءة الكتب".

 

لا يتوفر وصف.

 

يشير السياسي الكوردي عدنان المفتي الى ان:" الناس كانوا ياتون من خارج القلعة ومن القرى القريبة يوم الجمعة للاستماع الى الخطبة، واقامة الصلاة في الجامع الكبير الذي يتجاوز عمره الـ 500 عام..ويقال انه كانت كنيسة قبل ان يتحول الى جامع، ونحن في الاقل نعرفه منذ 500 سنة لان عائلتنا سكنت في اربيل(القلعة) منذ 540 سنة، ووالدي اعاد ترميمه وتجديده بمساعدة تبرعات الاهالي، وهناك ابيات شعر مكتوبة عند مدخله تشير الى مساهمة الاهالي باعادة بنائه:
 يا جامع الكبير عليك السلام 
فيك الدروس والصلاة تقام
لما رأتك الاهالي انت منهدم
هاجت المشاعر وسخى إنعام
اعادوك في عصر الفضا وتشرفوا
انعم بهم انهم للخير مقدام "
 
سياسة مبكرة 
 
يتحدث المفتي في ملف البدايات، قائلا: "اهتماماتي بدأت في الصف الخامس والسادس ابتدائي، بدأت مع  السياسة منذ ذاك الوقت، كنت اتابع  واشعر بانتمائي القومي ككوردي واننا في كوردستان وبالظلم الذي يلحق بنا واستمع الى عمي شمس الدين الذي كان قياديا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني والى والدي الذي كان ايضا يحمل تفاصيل كثيرة عن نظال الشعب الكوردي خاصة عندما كان في القاهرة حيث درس في جامع الازهر عام 1934. وهناك التقى باصدقاء اكراد من تركيا مثل محمد علي عوني وعمر وجدي وكانوا مناضلين وتركوا تركيا بسبب نضالهم ..وكان يحكي لنا عن نشاطاتهم الطلابية بالرغم من انه لم يكن يتدخل في السياسة لكن احيانا كان يتحدث عن تفاصيل ما فعله بالقاهرة..كنت ايضا اهتم بالقراءة بالرغم من عدم اجادتي للغة العربية وقتذاك، لكن كنت احاول القراءة .. اقرأ المجلات العربية الفنية خاصة، إذ كانت المجلات والصحف العربية تصلنا باستمرار من خلال مكتبة تقع مقابل بناية المحافظة اليوم وكنا نشتري الكتب الصغيرة مثل مجلة المختار وكتيبات مغامرات ارسين لوبين، ثم في المراهقة بدأت اقرأ روايات نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وغيرهم، قبل ان انتقل لقراءة الكتب المترجمة لكتاب غربيين امثال: جان بول سارتر وسيمون دي بفوار وآخرين، كانت هناك منافسة مع اقراني ونقاشات في المدرسة او المقهى حول الكتب التي قرأناها وبصراحة ما كنا نفهم بعض الكتب مثلما حصل لاحقا عندما قرأت مسرحية(الذباب) لسارتر، وانا في الصف الاول متوسط ولم افهم منه شيء، وبعد 15 سنة قرأت ذات المسرحية مرة ثانية وتذكرت باني لم افهمها في المرة الاولى، وفي القراءة الثانية استمتعت بها وانا اتذكر المرة الاولى التي قراتها بها، قبل 15 سنة".
 
سحر السينما
 
قلعة اربيل كانت تقريبا كل عالم المفتي واقرانه، وحسب ما يقول:"حياتنا الاجتماعية وحريتنا في القلعة كانت محدودة جدا، وأربيل كانت مدينة محافظة، ومجالات السهر غير متوفرة.. كان هناك نادي الموظفين لا يدخله الا الاعضاء من خريجي الجامعات والمعاهد ولم يكن من الملائم ان يرتاد الشباب مثل هذا النادي..لكن المتعة الكبيرة وقتذاك كانت السينما..كانت هناك سينما الحمراء التي كانت تقع قريبا من سوق شيخ الله الحالي، وسينما صلاح الدين مقابل محافظة اربيل الحالية، يعني ضمن محيط القلعة، ومعظم الشباب كانوا يرتادون هاتين الصالتين، والافلام التي كانت تعرض مترجمة للغة العربية اضافة الى الافلام الهندية، واتذكر اني كنت افضل الافلام الاجنبية وخاصة افلام الكاوبوي الاميركية  وكذلك افلام (الاكشن) حيث كنا معجبين بالبطل الذي يبقى منتصرا ولا يموت".
 
حدث تاريخي
 
بيت عائلة عدنان المفتي في قلعة اربيل تهدم، لكن بقي هناك معلم مهم يعود الى بيت عمه، يوضح قائلا:"بيتنا في القلعة تهدم لانه بدأ يتداعى منذ عام 1965، وفي عام 1992 سقطت جدرانه، وبقي  بيت جدي المجاور لبيتنا حيث كان يسكنه اعمامي، سمش الدين ونجم الدين، وقد تم ترميمه حيث شهد هذا البيت حدث مهم جدا وهو زيارة ملا مصطفى بارزاني، رحمه الله، عام 1960، لبيت عمي شمس الدين وكان صديقه ومقاتل معه وبقائه ليلتين هناك والان تحول الى متحف تخليدا لهذه الزيارة، كان الزعيم بارزاني ينام في بيت عمي ويفطر في بيتنا لانه كان اوسع ومعه اربعة او خمسة اشخاص". يذكر هنا عن هذه الزيارة التاريخية:"انتشر خبر وجود الزعيم ملا مصطفى بارزاني بين الناس وازدحمت القلعة بهم حيث جاءوا للقاء به وتحيته..انا لا اتذكر كثيرا كل التفاصيل سوى الملامح العامة..كان عمري 10 سنوات لكن اخي الاصغر مني يتذكر كل التفاصيل، لكنني بالتأكيد اتذكر اني التقيت به..هذه الزيارة اثرت ايجابيا بنا وصرنا نفهم اكثر ما هو موقعنا وما هي توجهاتنا لاحقا". موضحا:"كان الزعيم بارزاي رجلا بسيطا للغاية في ملبسه وكلامه وطعامه ..هذا الحدث اثر على كل القلعة وتاريخها وكانت هذه الزيارة ووجود عمي شمس الدين في القيادة قد رسمت رسم لي اتجاهي السياسي بوضوح، واستمريت عليها". 
 
نسأله: انت عشت في بيت اتجاهه متدين، والدك رجل دين وقاضي، وثقافتك اسلامية، كيف اتجهت للسياسة؟ هل هذا بتاثير عمك مثلا؟..يجيب المفتي قائلا:" هذا سؤال وجيه.. حتى اني اسال نفسي بذلك احيانا..هناك القدر، انت في اول وعيك تعرف ما هي جنسيتك وقوميتك..القدر حدد انت عربي وانا كوردي.. نحن لم نختار ذلك، تشعر انك تنتمي لهذه المدينة ولتلك القومية، ثم بعد ذلك تفهم ما هية وضعك الاجتماعي والسياسي ثم تدريجيا اتسائل لماذا ما عندي دولة؟ القدر جعلنا نشعر باننا اكراد وان حقوقنا منقوصة ولسنا مواطنين من الدرجة الاولى لان الحكومة ليست كوردية والدولة العراقية لا تقر بحقوقنا القومية فاللغة الرسمية في الدوائر الحكومية آنذاك هي العربية وهناك درس واحد باللغة الكوردية في المدارس، هذا الجانب القدري، اما الجانب الاخر الذي يؤثر في هو محيطي، عائلتي اصدقائي ، لاحقا في فترة الشباب، الاصدقاء هم من يؤثر اكثر من البيئة لانك سوف تكتسب معرفة جديدة وهنا تتدخل عوامل الصداقة التي تربطك بالاخرين ومدى تاثيرهم عليك في المدرسة او في المقهى.. كنا نستمع للكبار من القياديين الذين يتحدثون مع بعضهم في الجامع..حتى ان اتحاد طلبة كوردستان فرع اربيل في بداية تاسيسه قد انطلق من القلعة وان البيان الاول، كان قد انطلق من جامع القلعة وكان عبد الرحمن كومشيني، قد كتب البيان بخط يده". 
 
مام جلال وعمي شمس الدين
 
مشيرا الى ان "عمي شمس الدين كان لفترة معينة رئيسا لاتحاد طلبة كوردستان، ومام جلال كان سكرتيرا  للاتحاد في عام 1954، عندما كانوا طلاب واصدقاء في كلية الحقوق، جامعة بغداد، ولي ان اذكر هنا انه في الحفل التأبيني لمرور 40 يوما على وفاة عمي شمس الدين في شهر تشرين الاول عام 2012، اصر مام جلال على الحضور، فقلت له ان وضعك الصحي لا يساعد على حضورك واقترحت عليه كتابة خطاب يلقيه شخص يرشحه هو بالمناسبة، فقال لي: "أنا لا احضر من اجلك بل من اجل عمك صديقي، وعندما وصلت الى اربيل للمرة الاولى لادرس في الثانوية عام 1952، تعرفت على عمك وخالك". وخالي معروف رؤوف كان قاضيا ثم صار وزيرا للعدل في حكومة اقليم كوردستان عام 1992،  واضاف:" عندما كنا بجامعة بغداد عمك حول بيته في الاعظمية الى وكر حزبي وكانت اجتماعاتنا تنظم فيه، مع حمزة عبد الله.. حتى ان عبد الرحمن قاسملو، وهو سياسي جامعي كورديّ إيراني زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني، ولد في أورومية واغتيل في فيينا عاصمة النمسا في 13 تموز 1989، عندما هرب من ايران خبأه عمي شمس الدين مع زوجته وابنتيه في بيته ببغداد حتى تم تدبير جوازات سفر لهم وتسفيرهم خارج العراق".
 
يستطرد السياسي الكوردي عدنان المفتي بحديثه:"تحدث مام جلال عن عمي شمس الدين الكثير من التفاصيل التي ما كنا نعرفها خاصة في مرحلة ما قبل الثورة عام 1961  وصدور امر القاء القبض عليه وقتذاك، فهو ترك اربيل قبل 6 اشهر من قيام الثورة وذهب الى جبل سفين مع بعض رفاقه وكنا نفتخر به، ذات مرة ذهبنا الى بغداد مع عمي نجم الدين عام 1962، كان عمري 12 سنة، عام ، وكان عمي شمس الدين مريضا ووصل الى بغداد متخفيا ولم نكن نعرف ذلك، وعمي نجم الدين كلف مامون دياغ، استشهد عام 1963، وكان ايضا طالبا في كلية الحقوق وكان ياخذنا الى السينما واتذكر اننا ذهبنا الى سينما روكسي وشاهدنا فيلم الخطايا بطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، وبعد سنوات عرفنا ان كل هذا تغطية لان يلتقي اعمامي، شمس الدين مع نجم الدين.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

 نجلاء عماد لاعبة كرة الطاولة

عراقية فقدت ساقيها وذراعها بتفجير تطمح نيل الميدالية الذهبية في باريس

في بداية مشوارها في رياضة كرة الطاولة، حذّر المقرّبون من نجلاء عماد ان الإعاقة سترهقها وتحبط آمالها، لكن الشابة العراقية الناجية من تفجير حرمها من ساقيها وذراعها أصرّت على ملاحقة طموحها وباتت تأمل باحراز ميدالية ذهبية، بعد تأهلها إلى الألعاب البارالمبية في باريس.