لماذا المسيحيون معرضون لخطر كبير في العراق؟

02-09-2023
آنو جوهر
الكلمات الدالة المسيحيون العراق
A+ A-
 
الحالة المتدهورة للمجتمع المسيحي
 
يمكن وصف ما يواجه المجتمع المسيحي في العراق بالكراهية الدفينة والعداء. فقد تعرض المسيحيون في وسط وجنوب العراق، منذ العام 2003، إلى القتل وسوء المعاملة والخطف والتمييز والتهجير والترحيل.
 
منذ سنة 2003، تعرضت مئات كنائس المسيحيين للاستهداف وتعرض عشرات من رجال الدين المسيحيين من مطارنة وأساقفة وقساوسة إلى القتل والخطف والتعذيب. منذ 2003، قتل نحو 1350 مواطناً مسيحياً في العراق، ومن مجموع نحو 2.1 مليون مسيحي، رحل حوالى 80% منهم من العراق إلى دول أخرى، والبقية الباقية نزحت إلى إقليم كوردستان بعد مبادرة الرئيس مسعود بارزاني التاريخية في العام 2003 التي كان هدفها تأمين ملاذ لكل المكونات الدينية العراقية.
 
ليس البطريرك المستهدف الوحيد
 
الدوامة المستمرة التي وقع فيها المسيحيون اليوم، شبيهة بالوضع الذي واجهه اليهود سابقاً في العراق. الميليشيات تطمع في الاستحواذ على أموال وممتلكات وعقارات المسيحيين في مناطق مثل سهل نينوى وغيرها من محافظات العراق، والعقبة الرئيسة التي تعترض سبيلهم في مسعاهم هذا، هو بطريرك كنيسة الكلدان الكاثوليكية، البطريرك لويس ساكو.
 
وقف لويس ساكو، المرشد الروحي لكبرى كنائس العراق، حيث يمثل الكلدان قرابة 80% من مسيحيي العراق، ضد تشكيل ميليشيا مسيحية مسلحة، ويحث قداسته باستمرار الحكومة العراقية على العمل على منع تشكيل هكذا فصائل،لأن المسيحيين مع وجود حكومة مستقرة صحيحة، لا مع حكومة ضعيفة هزيلة.
 
وتعارض الشخصيات المؤثرة كالمطارنة (مجلس مطارنة نينوى) تشكيل ميليشيا مسلحة واحتكار التمثيل السياسي للمسيحيين في مجلس النواب العراقي من خلال عشرات آلاف أصوات من خارج المكون المسيحي. تلك الأصوات التي حشدتها الميليشيات لدعم الأشخاص والقوى المقربة منها والتي فرضوها على المسيحيين، والهدف هو تعزيز المكانة السياسية لتلك الميليشيات.
 
صمود المسيحيين أصاب الميليشيات بالذهول، ما دفعها إلى استهداف رئيس أقوى كنائس المسيحيين. كان لهم هدف من وراء هذا التصرف، يتمثل في إثناء الأهالي عن الوقوف في وجه سياسة فرض النفوذ على سهل نينوى. فاستمر التصرف الذي أقدموا عليه ليبلغ الذروة من خلال قيام حلفائهم بالتأثير على قرار مؤسسة رئاسة الجمهورية، ليصدر رئيس الجمهورية لطيف رشيد مرسوماً جمهورياً بسحب المرسوم المتعلق بلويس ساكو والصادر قبل عشر سنوات.
 
تكميم أفواه المسيحيين
 
بينما لم يطرأ أي تغيير على مراسيم رئاسة جمهورية العراق الخاصة بالأساقفة وزعماء الكنيسة الآخرين، فإن لاستهداف لويس ساكو هدفه ويحمل رسالة ضمنية مفادها أن على المسيحيين التزام الصمت بل والتعاون مع حملات الميليشيات الرامية لإحداث تغيير ديموغرافي في ديار آبائهم وأجدادهم بسهل نينوى.
 
قصد لويس ساكو أربيل في شهر تموز 2023، ولقي قداسته ترحيباً حاراً في أربيل من جانب الحكومة والشعب. اختيار قداسته هذا إشارة إلى رفضه لتصرفات رئيس جمهورية العراق والميليشيات. وقد رفع آلاف المسيحيين في العراق وإقليم كوردستان وغيرهما أصواتهم ضد ذلك القرار الجائر. لكن رغم كل ذلك الاستنكار، لم تتخذ الحكومة العراقية ولا رئاسة العراق خطوة للاستجابة ورفع الحيف أو إيقاف التغيير الديموغرافي في مناطق المسيحيين بسهل نينوى.
 
سهل نينوى أسير في قبضة الميليشيات
 
في الرابع من آب 2023، نظم مجلس مطارنة نينوى تظاهرة وطالبوا باتخاذ خطوات فورية من جانب الحكومة العراقية لإيقاف التغيير الديموغرافي المستمر في سهل نينوى، هذا التغيير الذي يهدد وجود المجتمع المسيحي في المنطقة. إضافة إلى ذلك، طالبت التظاهرة بإصدار قانون خاص بالانتخابات يضمن تمثيلاً حقيقياً للمسيحيين في مجلس النواب العراقي ويمنع أن تذهب مقاعدهم للميليشيات بأصوات غير مسيحية. لكن القساوسة والآلاف من المتظاهرين صدموا عندما شاهدوا الميليشيات تغلق نقاط السيطرة وتمنع وصول الصحفيين، ولا تسمح بالمسيحيين من المدن والقرى الأخرى من الوصول للمشاركة في التظاهرة.
 
ماذا على المسيحيين أن يفعلوا؟
 
على المسيحيين والمكونات الأخرى توحيد جهودهم وتنظيم حراكهم على المستويين المحلي والدولي. على الأطراف المسيحية (الكلدان، الآشوريين، السريان والأرمن) جنباً إلى جنب الإيزديين والكاكائيين والتركمان أن يدركوا أنهم سيخسرون إن ظلوا وحيدين، في حين أن اتحادهم وتوحيد صفوفهم يهيء فرصة كبيرة للنصر، وإن اجتماعهم معاً يضمن بقاءهم في وطنهم العريق وفي ديار آبائهم وأجدادهم.
 
البقاء أم الفناء؟
 
من المهم أن تتخذ منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن خطوات باتجاه حماية المجتمع المسيحي المعرض للتهديد في العراق، وبالأخص في سهل نينوى، والحل أكثر فعالية هو حماية المنطقة من جانب المجتمع الدولي ومراقبتها بدقة، ومن من المهم أيضاً تنفيذ اتفاقية سنجار. إن عدم اتخاذ أي خطوة، يخلق خطر فقدان العالم واحداً من أقدم المجتمعات المسيحية، ويجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن مسيحيي العراق يواجهون خطراً مهولاً وإبادة عرقية متواصلة من جانب الحشد.
 
* آنو جوهر، شخصية مسيحية ووزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كوردستان.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

معد فياض

من حقنا أن نفخر برووداو

المثل العراقي الشائع" لا احد يدافع عن العروس مثل اهلها"، أو "لا احد يفتخر بالعروس غير اهلها".. وعروسنا اليوم هي رووداو التي قلبت معنى ومضمون المثل في الاحتفال بعيدها الـ 11، وجعلتنا ، نحن أهل العروس نفخر بها، وهي من تدافع عنا.. بل الاكثر والاهم من هذا ان القراء والمتابعين وشبكات الانباء ورؤساء حكومات وسفراء وقناصل وسياسيين هم من فرح بعروستنا، وكادت فرحتهم واحتفالهم بعيدها تضاهي او تتجاوز فرحتنا.